للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(اللهم بلاغًا) بفتح الموحدة، قال المصنّف: "البلاغ: ما يتبلغ ويتوصل به إلى الشيء المطلوب، وَنَصْبه ومَا بعده بفعل مقدَّر، أي: أسْألُكَ بلاغا" (١) (يبلغ) على صيغة المضارع المعلوم من التبليغ، ويجوز أن يكون من الإبلاغ، أي: يوصل (خيرًا) أي: إلى خير من أمور الدنيا والآخرة.

(ومغفرة منك) أي: حاصلة من فضلك، عطف على بلاغًا، وكذا قوله: (ورضوانًا) بكسر الراء ويضم، وَذكرهما بعد الخير من باب التفصيل بعد الإبهام، أو من قبيل عطف الخاصّ [على] (٢) العام.

(بيدك الخير) أي: بتصرفك لا غير أو بقدرتك وإرادتك الخير، وكذا الشر، فهو من باب الاكتفاء كقوله تعالى: ﴿سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ﴾ [النحل: ٨١]. أي: والبرد. أو من قبيل حسن الأدب، كما قيل في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾ [الشعراء: ٨٠] حيث لم يقل: وإذا مرضني.

وقيل: "ذكر الخير وحده لأنه المرغّب فيه، أو لأنه المقضي بالذات، والشر مقضي بالعرض إذا لم يوجد شيء جزئي ما لم يقض خيرًا كليًّا".

وتحقيقه: أنا إذا تأمَّلنا، فكل ما يطلق عليه شر فليس بشر بالذات بل بالعرض من حيث هو سبب للشر، وأمثلة ذلك: هي كالبرد والمفسد للثمار، وكالسحاب الذي يمنع القصار عن فعله، وكالأخلاق الرذيلة كالجبن والبخل، وكالأفعال المذمومة كالزنا والآلام والغموم، وغيرها فالبرد من حيث كيفيته، وبالقياس إلى ما أوجب ليس بشرّ، بل هو كمال


(١) "مفتاح الحصن الحصين" (ل ١١/ ب).
(٢) كذا في (أ) و (ب)، وفي (ج) و (د): "بعد".

<<  <  ج: ص:  >  >>