للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحديث الصحيح، بل وفيه إيماءٌ إلى أن "ثُمَّ" في الحديث ليس للتراخي كما في قوله تعالى: ﴿ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٥٣) ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ﴾ [الأنعام: ١٥٣، ١٥٤] على ما ذهب إليه ابن مالك، ولا للترتيب كما ذهب إليه قوم في قوله تعالى: ﴿خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ (١). ويؤيده أنه في آية أخرى: ﴿اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ [النساء: ١].

وحاصله: أن "ثُمَّ" بمعنى الواو لمطلق الجمع كما سيأتي في رواية أخرى بلفظ: "ويدعو"، ولا يبعد أن يجعل "بين" بمعنى الوصل على ما "القاموس"، فيفيد أنه يدعو متصلًا بما ذكر، فيؤخذ منه تثليث الدعاء أيضًا.

(ثم ينزل المروة) بالنصب على نزع الخافض، أي: "إلى المروة" كما في نسخة، والمعنى: ينزل عن الصفا متوجها إلى المروة ويمشي أو يسير.

(حتى إذا انصبت) أي: انحدرت في المشي، وهذا مجاز من قولهم: صب الماء فانصب. قال المصنّف: "بتشديد الباء، أي: انحدرت" (٢) (قدماه في بطن الوادي) وهذا باعتبار ما كان في الزمن الأول من انخفاض الوادي، وارتفاع طرفيه من جانب الصفا والمروة، والمعنى: حتى يصل إليه وينزل فيه.


(١) تصحفت الآية في (أ) و (ج) و (د)، فجاءت هكذا: "هو الذي خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها"، وتصحفت في (ب): "هو الذي خلقكم من نفس واحدة ثم خلق منها زوجها"، وما أثبتناه هو الموافق لسياق كلام المؤلف.
(٢) "مفتاح الحصن الحصين" (ل ١٢/ أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>