للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يراد بالدعاء معنى العبادة، أي: خيرها ما وقع في عرفة، فيزول الإشكال المشهور الآتي على الوجه المسطور.

فالقول لا الدعاء: (لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير) قال المؤلف: "الحديث ليس فيه إلا الثناء على الله تعالى، وليس فيه من لفظ الدعاء شيء، وقد سُئل الإمام الكبير سفيان بن عيينة (١) عن ذلك، فأجاب بقول الشاعر:

أأذكر حاجتي أم قد كفاني … ثنائي إن شيمتك الحياء

إذا أثنى عليك المرء يومًا … كفاه من تعرضه الثناء (٢)

وقال ميرك نقلًا عن الطيبي: "قوله: "وخير ما قلت" بمعنى: خير ما دعوت بيانًا لقوله "خير الدعاء"، فالدعاء قوله: "لا إله إلا الله".

فإن قلت: هذا ذكر وليس بدعاء، قلت: أجيب عنه بوجهين:

أحدهما: أنه على سبيل التعريض تجنبًا عن التصريح؛ مراعاةً للأدب.

وثانيهما: الاشتغال بخدمة المولى، والإعراض عن الطلب اعتمادًا على كرمه؛ فإنه لا يضيع أجر المحسنين".

قلت: ويؤيده قوله (٣): "من شغله ذكري عن مسألتي، أعطيته أفضل ما أعطي السائلين".

ثم الفرق بين الوجهين: أن الذاكر في الأول، وإن لم يصرح بالطلب،


(١) أخرجه الدينوري في المجالسة (٤٩).
(٢) "مفتاح الحصن الحصين" (ل ١٢/ أ، ب).
(٣) أي نقلا عن رب العزة .

<<  <  ج: ص:  >  >>