للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عياض بن موسى اليحصبي في كتاب "الإلماع".

وهذا شعبة أمير المؤمنين في الحديث يعتني بالضبط بمثل ما نقل القاضي عياض أيضًا: عن عبد الله بن إدريس الكوفي أنه قال: لما حدثني شعبة بحديث أبي الحوراء السعدي، عن الحسن بن علي؛ كتب أسفلَه: "حور عين" لئلا أغلط، يعني: فيقرأه: "أبو الجوزاء" لشبهه به في الخط. اهـ (تدريب الراوي).

ومن أعجب أخبار أئمتنا في حرصهم على الضبط والإتقان أن بعضهم يترك الأخذ عمن لم يضبط، ويقع في الخطأ والتحريف ما نقله العسكري (٣٨٢ هـ) في كتابيه "تصحيفات المحدثين ١/ ١٧، ١٨"، و"شرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف ص ١٧): عن أبى عبيد الآجري قال: سمعت أبا داود السجستاني يقول: قال أحمد بن صالح المصري: قال سلامة بن روح الأيلي في حديث السقيفة: إلا كانا "بَعْرةَ أن يَفِيْلا"، تصحيف "تَغِرَّة أن يُقتَلا". قال أبو داود: وكان أحمد بن صالح قد كتب عنه خمسين ألف حديث، فتركه.

[استخدام القواعد للضبط]

وهذا الذي دعاهم إلى وضع قواعد رصينة للضبط والتقييد كي لا يتطرق إلى المكتوب أيّ تصحيف أو تحريف، ومن أهمها:

١ - استحباب تكرار الضبط في الألفاظ المشكلة بأن يضبط في متن الكتاب، ثم يكتبها قبالة ذلك في الحاشية مفردة مضبوطة، فقال ابن دقيق العيد في "الاقتراح": من عادة المتقنين أن يبالغوا في إيضاح المشكل، فيفرقوا حروف الكلمة في الحاشية، ويضبطوها حرفًا حرفًا، فلا يبقى بعده إشكال.

٢ - كراهية الخط الدقيق من غير عذر يقتضيه.

٣ - اختيار التحقيق في الخط؛ دون المشق والتعليق.

٤ - ضبط الحروف المهملة بعلامة الإهمال كضبط الحروف المعجمة بالنقط.

وغير ذلك من القواعد قد نقلها مؤلف كتابنا هذا بعد الفراغ من ضبط الأسماء.

ولكن مع مرور الزمن حينما دبَّ الضعف في الأمة؛ وأصيبت بالتساهل في الضبط،

<<  <   >  >>