وعن هذا المعنى عبر الحافظ ابن القيم في "زاد المعاد" ٢/ ٤٣٣ بقوله: "وسفر الوهَم من زمان إلى زمان، ومن مكان إلى مكان، ومن واقعة إلى واقعة، كثيرًا ما يعرض للحفاظ فمن دونهم"، وهذا تعبير لطيف ينبئ عن دقة نظر قائله. (انظر: مقدمة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة لتحقيقه على كتاب "ظفر الأماني" للكنوي.
وأيًّا ما كان السبب؛ فغير خافٍ على الناظر في نسخ "المغني" المطبوعة -بل والمخطوطة- وقوع أخطاء كثيرة قد تُربك القارئ، فتتركه تائهًا حيران.
فجعل هذا الكتاب -المطبوع مرارًا، المشحون بالأخطاء المطبعية وغيرها- ينادي بلسان حاله من يقدر قيمته العلمية، ويوفي حقه من غير بخس ولا شطط، وكان عامة المشتغلين بالحديث وعلومه ينتظرون إلى من ينتهض لهذه العملية الدقيقة، المتعبة.
إلى أن قيض الله تعالى لهذا العمل الجليل فضيلة شيخنا العلامة المحدث زين العابدين الأعظمي -حفظه الله تعالى- الذي قد رُزق من الله العلي القدير ذوقًا فريدًا في علم الضبط والتقييد خاصةً، وفي سائر علوم الحديث عامةً، وقد جاوز الآن خمسًا وسبعين من عمره الذي قضى معظمه خادمًا للحديث النبوي الشريف تدريسًا، وتأليفًا، وتدريبًا لطلاب الدراسات العليا في علوم الحديث، ويحسن بنا ذكر نبذة من ترجمته.
[ترجمة المحقق]
هو المحدث، الناقد، العلامة زين العابدين بن محمد بشير بن محمد نذير الأعظمي، ولد في قرية بوره معروف، من مديرية أعظم جراه، يوبي، الهند سنة ١٣٥١ هـ، وحصل على العلوم الابتدائية العربية، والشرعية إلى المتوسطات في "المدرسة المعروفية" وكان أهم أساتذته فيها الشيخ العلامة المحدث عبد الستار المعروفي -رحمه الله- الذي تولى مشيخة دار الحديث بجامعة دار العلوم ندوة العلماء لكناؤ فيما بعد، فتخرج عليه.
ثم التحق بالمدرسة العريقة "إحياء العلوم، مباركفور، أعظم جراه" سنة ١٣٦٧ هـ، فارتوى من هذا المنهل سنةً كاملةً، ومن أبرز أساتذته فيها الشيخ القدوة المفتي محمد ياسين، والعلامة المحدث عبد الجبار المعروفي، الأعظمي، الذي تولى مشيخة