الحمد لله الملك الكريم الوهاب، والصلاة والسلام على من أوتي الحكمة وفصل الخطاب، سيدنا وسندنا محمد الأوّاه الأوّاب، وآله وأحفاده السادة الأنجاب، ونجوم الهداية الأصحاب، والذين اتبعوهم بإحسان من المحدثين والفقهاء وأولي الألباب.
وبعد:
فإن من أهم ما يجب على طالب الحديث الشريف بأنواعه، والمشتغل بفروعه وأوضاعه -ضبط الأسماء والألفاظ الواردة في دواوينه والوقوف على الوجه الصحيح في ذلك؛ ليكون ما يحفظه مصونًا وما يكتبه ويقرأه موثقًا لدى أصحاب الحديث، وقد قال الإمام ابن الصلاح مُنَوِّهًا بشأن هذا الأمر ومُعَرّفًا بالحاجة إليه في "النوع الخامس والعشرين في كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده" من كتابه العظيم "معرفة أنواع علم الحديث":
"ثم إن على كتبة الحديث وطلَبته صرف الهمة إلى ضبط ما يكتبونه أو يحصلونه بخط الغير من مروياتهم على الوجه الذي رووه؛ شكلًا ونقطًا يؤمن معهما الالتباس -وأضاف قائلًا- وهذا بيان أمور مفيدة في ذلك:
أحدها: ينبغى أن يكون اعتناؤه -من بين ما يلتبس- بضبط الملتبس من أسماء الناس أكثر؛ فإنها لا تُستدرك بالمعنى، ولا يُستدل عليها بما قبل وما بعد". (معرفة أنواع علم الحديث، ص: ٢٥٤ - ٢٩٦).
ونظرًا إلى خطورة هذه الواجبة تنبه لها أصحاب الفن وقاموا بأعبائها؛ فنوعوا للضبط أنواعًا، ووضعوا للوقوف على الوجه الصحيح أصولًا عامة وقواعد لطيفة؛ يستمد بها في معرفة المطلوب ويُوقف بها على الضبط بسهولة ويسر.