للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد وسعوا في هذا الأمر، فأفردوا له تصانيف عديدة وتآليف قيمة؛ إضافةً إلى ما كتبوه في الضبط والتقييد خلال كتبهم في مصطلح الحديث، وبين ثنايا كلامهم حول آداب الطالب وما يجب على المحدث الاعتناء به، وقد أثروا بذلك المكتبة العربية بكم هائل من الكتب العظيمة والنادرة.

وكل هذا يدل على أهمية الموضوع وخطورته لديهم، وشعورهم بالحاجة إليه والعناية به، فكانوا على غاية من الإتقان والتحرز في هذ الشأن، آخذين بكل ما يُعَظم شانَ الحديث ويُقَويه من التيقظ والاتقان، فما كانوا يثقون بقراءة من لم يراع الضبط على الوجه الصحيح، ولا يُصغون إلى سماع من تغافل أثناء ذلك.

وخلال بحثنا عن تصانيف مفردة موضوعة في هذا الفن، وقفنا على كتاب موجَز في هذا الموضوع، كُتب في القرن العاشر من الهجرة في أرض الهند، ألا وهو كتاب "المغني في ضبط الأسماء لرواة الأنباء" قام بتأليفه ملك المحدثين، الإمام، المجاهد العلامة الشيخ محمد طاهر بن علي الفتني -المولود سنة ٩١٣ هـ (١) في غجرات الهند، والمتوفى بأجَّين سنة ٩٨٦ هـ شهيدًا- مفرد في بابه ومفيد جدًّا على اختصاره؛ وهو مرجع للمشتغلين بالحديث، ومأوى لهم في مشكلات الضبط منذ ما ألف ونشر، وقد أقر له بذلك أفذاذ من رجال العلم والمعرفة.


(١) ذكره المؤرخ العيدروسي في كتابه "النور السافر" [ص: ٤٧٥، ط: دار صادر، بيروت، سنة ١٤٢٧ هـ] وآخرون، وهذا هو الصحيح، وقد جاء في "معجم المطبوعات العربية" ليوسف إليان سركيس [٢/ ١٦٧٠، ط: دار صادر، بيروت، سنة ١٣٤٦ هـ] بأنه ولد سنة ٩١٠ هـ، وتابعه المؤرخ الزركلي في "الأعلام"، وهو خطأ، وقد خبط سركيس في ذكر اسمه، فقال مرة: محمد طاهر، واعتمد عليه الزركلي، ولكن ذكر في ترجمة الحافظ ابن حجر العسقلاني عند ذكر طبعة كتابه التقريب، وكتاب المترجم له "المغني" [١/ ٧٩] أنه "محمد بن طاهر" وهو مرجوح على ما سيأتي.

<<  <   >  >>