للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كتاب يتضمن الضبط من غير كشف الأحوال، فتصفّحتُ له بلاد العرب والعجم ببذل ما في الوسع من الجهد والأموال، فلم أجد كتابا وافيا على نحو ما اقترحتُ لبيان أحوالهم، فحداني الرفق على نفسي وعليهم إلى تخريج ضبط أكثر ما في الصحيح وغيرها بطلب صريح أقوالهم، فاختطفت مما صرفته من بعض أوقاتي؛ لتعليقة صحيح مسلم نَبْذة من الدهور، وشمّرت عن ساعدي جدي في عدة من الشهور.

فجاء بحمد الله على وفق ما راموا وجيزًا مغنيًا عن مجلدات ذوات خطر، وكافية عن البحر المحيط بعدّة القطر، سارعت في تبييضه ممتثلًا إشارة من أمره مطاع، وحكمه يُماع (١)، إذ مِننه سالفة سانية، وعزماته باهرة عالية، وما هو إلا باب هممه واسعة، ومفاض أنوار إلهية شائعة، مخزن علوم لدنية، وفياض نفحات قدسية، ذو دراسة الحقيقية والشرعية، والهمم العالية المرضية، صفي من الوهّاب بالنية، ومغتنى (٢) من الرحمن بالقيمة، إمام المتقين (٣) بشهادة أعلام الأمة، كاشف يوم القارعة، عن محبّيه الغُمّة، عارف اضطرّه الرحمن لأمرٍ ما من الأرض القدسية، فقيَّده في الأرض الصعبة السفلية، فكم ممن أرشده وخلصه عن الغواية من الخواص والعوامّ، وكم ممن أبرد حرارته، للفرقة من الواهين المتحرين على الدوام، وكم ممن حرره (٤) من عبودية الكونين، وصيّره وجيهًا مخلِصًا لخالق الثقلين، وكم نشر من العلوم النبوية، والحقيقية فأشاع، فصار مجدد المائة في هذا القطر عند المنصفين بلا نزاع، وما رُمتُ به


(١) كذا في المخطوطة بالميم، من "ماع الشيئُ يَميع" جرى على وجه الأرض منبسطا في هينة (قاموس) أي: يبسط جريًا، وفي المطبوعة "يُراع" بالراء، أي يراعى حكمه، فيراع بحذف لام الكلمة. ز.
(٢) كذا في المخطوطة، وفي المطبوعة "مقتني".
(٣) وعلى هامش المخطوطة: "تلميح إلى اسم الشيخ الممدوح، وهو الشيخ الإمام علي المتقي رحمة الله عليه رحمة واسعة كاملة. ١٢ عبد الحق زيد عمره.
(٤) لم يُقرأ في المخطوطة، وأثبتناه من النسخة المطبوعة.

<<  <   >  >>