غصن على دعص تأوّد فوقه ... قمر تألّق تحت ليل مطبق
لو قيل للحسن احتكم لم يعدها ... أو قيل خاطب غيرها لم ينطق
فكأننا من فرعها في مغرب ... وكأننا من وجهها في مشرق
تبدو فيهتف بالعيون ضياؤها ... الويل حلّ بمقلة لم تطبق (١).
قلت: ذكروا له هنات، وقد جاوز التسعين رحمه الله وغفر لنا وله.
رثى الإمام محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله فقال:
بملتفتيه للمشيب طوالع ... ذوائد عن ورد التصابي روادع
تصرفه طوع البنان وربما ... دعاه الصبا فاقتاده وهو طائع
ومن لم يزعه لبه وحياؤه ... فليس له من شيب فوديه وازع
هل النافر المدعوُّ للحظ راجع ... أم النصح مقبول أم الوعظ نافع
أم الهمك المهموم بالجمع عالم ... بأن الذي يوعى من المال ضائع
وأن قصاراه على فرط ظنه ... فراق الذي أضحى له وهو جامع
ويخمل ذكر المرء بالمال بعده ... ولكن جمع العلم للمرء رافع
ألم تر آثار ابن إدريس بعده ... دلائلها في المشكلات لوامع
معالم يفنى الدهر وهي خوالد ... وتنخفض الاعلام وهى فوارع
مناهج فيها للهدى متصرف ... موارد فيها للرشاد شوارع
ظواهرها حكم ومستنبطاتها ... لما حكم التفريق فيها جوامع
لرأي ابن إدريس ابن عم محمد ... ضياء إذا ما أظلم الخطب ساطع
إذا المعضلات المشكلات تشابهت ... سما منه نور في دجاهن صادع
أبى الله إلا رفعه وعلوه ... وليس لما يعليه ذو العرش واضع
توخى الهدى واستنقذته يد التقى ... من الزيغ إن الزيغ للمرء صارع
ولاذ بآثار النبي فحكمه ... لحكم رسول الله في الناس تابع
وعول في أحكامه وقضائه ... على ما قضى التنزيل والحق ناصع
بطيء عن الرأي المخوف التباسه ... إليه إذا لم يخش لبسا مسارع
(١) شذرات الذهب في أخبار من ذهب ٤/ ١٠٧، ١٠٨.