فقلت له: يا رسول الله، عندنا من ذلك شئ بين، كانت عندنا جارية حُسانة ظُرافة يقال لها: الخلصة، ولم يعلم عليها إلا خيرا، فاذا هي قد جاءتنا في مجلس لنا، فقالت: يا معشر دوس هل علمتم علىّ الا خيرا؟ قلنا: لا والله، قالت: بينا أنا في غنمي اليوم، اذ غشيتني ظلمة، وقد وجدت كحس الرجل مع المراة، وقد خشيت أن اكون قد حملت. فاستمرت حاملا، فولدت غلاما اغضف، له اذنان كأذني كلب، فمكث حتى إذا كان غلاما، فبينا هو يلعب مع الصبيان إذ القى إزاره، ووثب، وصاح بأعلى صوته، وجعل يقول: يا ويله، ياويل غَنْم، وويل فهم، من قابس النار أتى بالدهم، بقتل همدان وقتل فهم، يا ويله يا ويله بالإجلاب، نزلوا والله بالمعشبة المحطاب، الخيل والله وراء العقبة، نقية كالجنة، ياويله، فركبنا واستلأمنا (١)، فقلنا: ويلك، ما ترى؟ فقال: هل من جارية طامث لم تكعب، معها صبي؟ قلنا: وكيف لنا بها؟ فقال شيخ من الحي: عندي هي والله عفيفة عفيفة الام، رأيت أمها نبذت في فراشها البارحة، فقال: عجلها.
فأتت الجارية، فطلعت الخيل، فقال: اطرحي ثوبك، واعدي في وجهي وقال القوم: اتبعوا أثرها، وقال لرجل منا يقال له أحمر بن حابس: يا احمر بن حابس إني حابس عليك أول فارس، وقال: فظهر والله أول مرتجل منا يقال له: أحمر، فلقى أول عادية القوم، فصرعه وغنمناهم، قال: فبنينا عليه بيتا وسميناه ذا الخلصة، كان لا يقول شيئا إلا وجدناه كما يقول، حتى قال لنا يوما: يا معشر دوس، نزلت بنو الحارث بن كعب، والجيش عفاس، فاركبوا، فاستلأمنا وركبنا، فقال: والقوا القوم غدية، واشربوا الخمر عشية، فلقيناهم فهزمونا وفضحونا، فقلنا: ويلك: مالك وما صنعت بنا؟ واغتفرناها له، فمكثنا ما شاء الله، فاذا هو يقول: يا معشر دوس، هل لكم في غزوة تهب لكم عزا؟ قلنا: ما أحوجنا اليها؟ ؟ قال: اركبوا، فركبنا، فقال: إيتوا بني الحارث بن مسلمة فاجعلوها بينه، ثم قال: عليكم بفهم، كلا ليس لكم فيهم دم، عليكم بنصر وجشم، رهط دريد بن الصمة، كلا، قليل الحنث وفي الذمة، عليكم بكعب بن ربيعة، فإنهم أهل فجيعة، فلتكن بهم الوقيعة، قال: فخرجنا فلقيناهم،