للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وترغبهن في الإسلام، حتى ظهر أمرها لأهل مكة، فأخذوها وقالوا: لولا قومك لفعلنا بك وفعلنا، ولكنا سنردك إليهم.

وذكر ابن سعد بسنده عن منير بن عبدالله الدوسي قال: أسلم زوج أم شريك؛ غزية بنت جابر الدوسية من الأزد، وهو أبو العَكر فهاجر إلى رسول الله إلى رسول الله مع أبي هريرة، مع دوس حين هاجروا، قالت أم شريك: فجاءني أهل أبي العَكر فقالوا: لعلك على دينه؟ ، قلت: أي والله إني لعلى دينه (١)، قالوا: لا جرم والله لنعذبنك عذابا شديدا، فارتحلوا بنا من دارنا، ونحن كنا بذي الخلصة (٢)، وهو موضعنا، فساروا يريدون منزلا، وحملوني على جمل ثفال (٣)، شر ركابهم وأغلظه، يطعموني الخبز بالعسل، ولا يسقوني قطرة ماء، حتى إذا انتصف النهار وسخنت الشمس حتى ذهب عقلي وسمعي وبصري (٤)، ففعلوا ذلك بي ثلاثة أيام، فقالوا لي في اليوم الثالث: اتركي ما أنت عليه، قالت: فما دريت ما يقولون إلا الكلمة بعد الكلمة، فأشير بأصبعي إلى السماء بالتوحيد، قالت: فوالله إني لعلى ذلك وقد بلغني الجهد، إذ وجدت برد دلو على صدري، فأخذته فشربت منه نفسا واحدا، ثم انتزع مني فذهبت انظر فإذا هو معلق بين السماء والأرض فلم أقدر عليه، ثم دلي إليَّ ثانية فشربت منه نفسا، ثم رفع فذهبت انظر فإذا هو معلق بين السماء والأرض، ثم دلي إليَّ الثالثة فشربت منه حتى رويت، وأهرقت على رأسي ووجهي وثيابي، فخرجوا فنظروا فقالوا: من أين لك هذا يا عدوة الله؟ ! ، فقلت لهم: إن عدوة الله غيري: من خالف دينه، وأما قولكم: من


(١) السياق أن الضمير في " دينه" يعود لأبي العُكر، فهل أسلم أبو العكر وهاجر؟ وأسلمت أم شريك وبقيت؟ ، وإذا صح هذا فكيف عرضت نفسها على النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ ، والجواب إما أن تكون أسلمت قبل زوجها وفرق بينهما إسلامها، كما في أسد الغابة، أو أنه طلقها لما أسلمت، وهاجرا منفصلين، والله أعلم.
(٢) هذا يؤيد من قال: كان عمرو بن لحي بن قمعة نصبه بأسفل مكة حين نصب الأصنام في مواضع شتى، (الفائق في غريب الحديث ١/ ٣٨٩) وهو غير الذي بتبالة، والقيض في مكة وليس في السراة، ولا تضرب فيها الأخبية من حر الشمس، وفعلا المسافة بين والسراة لا تقل في ذلك الوقت عن ثلاثة أيام بالركائب، فبطل قول من زعم أن صنم ذي الخلصة في دوس.
(٣) بطيئا ثقيلا (الكنز اللغوي ١، ١٠٦).
(٤) مبالغة في الوصف لشدة ما نزل بها.

<<  <   >  >>