للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فدعي له، فقال له ذلك، فقال: ما رأيت كاليوم استقبل به رجل مسلم، قال: فإني أعزم عليك إلا ما أخبرتني، قال: كنت كاهنهم في الجاهلية (١)، قال: فما أعجب ما جاءتك به جنيتك؟ ، قال: بينما أنا يوما في السوق، جاءتني أعرف فيها الفزع، فقالت:

ألم تر الجن وإبلاسها؟ (٢) ... ويأسها من بعد إنكاسها

ولحوقها بالقلاص (٣) وأحلاسها.

قال عمر: صدق، بينما أنا نائم، عند آلهتهم إذ جاء رجل بعجل فذبحه، فصرخ به صارخ، لم أسمع صارخا قط أشد صوتا منه يقول: يا جليح (٤)، أمر نجيح (٥)، رجل فصيح (٦)، يقول: لا إله إلا الله، فوثب القوم، قلت: لا أبرح حتى أعلم ما وراء هذا، ثم نادى: يا جليح، أمر نجيح، رجل فصيح، يقول لا إله إلا الله، فقمت، فما نشبنا أن قيل: هذا نبي" (٧).

قال سواد: فلما سمعته تكرر ليلة بعد ليلة، وقع في قلبي حب الإسلام من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما شاء الله، قال: فانطلقت إلى رحلي فشددته على راحلتي، فما حللت عليه نسعة ولا عقدت أخرى حتى أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٨)، فإذا هو بالمدينة ــ يعني مكة ــ والناس عليه كعرف الفرس، فلما رآني النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مرحبا بك يا سواد ابن قارب، قد علمنا ما جاء بك». قال: قلت: يا رسول الله، قد قلت شعرا، فاسمعه مني. قال سواد: فقلت:

أتاني رئيِّ بعد ليل وهجعة ... ولم يك فيما قد بلوت بكاذب


(١) يتنبأ لهم بالأمور المستقبلة بغير دليل.
(٢) تحيُّرها حتى صارت في الحَيْرة مثل إبليس.
(٣) جمع قَلوص: وهي الناقة الشابة.
(٤) لرجل ناداه، ومعناه: الوقح الكاشف بالعداوة.
(٥) من النجاح وهو الظفر بالجوائج.
(٦) من الفصاحة: وهي البيان، وسلامة الألفاظ من الإبهام، وسوء التأليف.
(٧) البخاري حديث (٣٨٦٦).
(٨) لاحظ أنه ذكر أنه كان بالهند، فهل هذا الشد لراحلته كان بالهند فما حل عنها نسعة ولا عقد أخرى حتى أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ ! ! الأمر فيه غرابة، أو أنه لماعاد إلى الجزيرة شد الدعلب ناقته هذا الأقرب.

<<  <   >  >>