وما أحمق الأمير إذا كان مرتكباً معصية، ووجد فقيها يقال عنه مثلها، أن يبغضه، ويعيبه، وينتقصه، وماله لا ينظر إلى نفسه مع ما خوله الله فيه من النعم! أليس هو [بشراً] مثله غير معصوم، أو أن يعتقد أن المعصية حرام على الفقيه دونه، أما علم أن القبيح عند الله حرام بالنسبة إلى كل أحد. وربما كان الفقيه ما يستر قبيحه، وليس عند الأمير وراء ذلك القبيح إلا أمثاله من القبائح.
فمما يتعين على الأمير إذا أنهى إليه عن أحد من أهل العلم سوء أن لا يصدقه، بل يحسن الظن بهذه الطائفة التي لحومهم مسمومة، (ولقد استقرئ أنه ما أمير يغض من جانب الفقهاء وينقصهم، إلا وكانت عاقبته وخيمة، وسيرته ذميمة).
فإن تيقن على أحد منهم سوءاً، واتضح عنده كالشمس - ولن يصير ذلك إن شاء الله تعالى - فعلى الأمير بعد ذلك أن يتفقد نفسه؛ فإن كان هو أيضاً يفعل ذلك، فليعد على نفسه باللائمة، ويقول لنفسه: أنا أذنبت ذنبين؛ لأني جاهل مرتكب هذا القبيح، فكيف أؤاخذ من لا يذنب إلا واحداً وأنا أنجس منه".
"وحكى أن فقيهاً وقع إلى بعض الأمراء، وهو سكران فأخذ يجلده، والأمير