حكى أن رجلاً دخل على المأمون، فأمره ونهاه، وأغلظ له في القول، فقال له المأمون: يا هذا إن الله تعالى أمر من هو خير منك بأن يلين القول لمن هو شر مني، فقال لموسى وهارون – ﵉: ﴿اذهبا إلى فرعون أنه طغى * فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى﴾، أعرض عنه ولم يلتفت إليه.
"وليكن متأنياً، غير مبادر إلى العقوبة، ولا يؤاخذ أحداً في أول ذنب يصدر [منه]، ولا يعاقبه بزلة تندر، ولأن العصمة في الخلق مفقودة فيما سوى الأنبياء ﵈.
وإذا عثر بمن نقص في المكيال، أو بخس في الميزان، أو غش بضاعته، بما يأتي وصفه استتابه عن معصيته، ووعظه وخوفه، وأنذره العقوبة، والتعزير، فإن عاد إلى فعله عزره على حسب ما يليق به بقدر الجناية، ولا يبلغ به الحد ويتخذ له سوطاً ودرة، وغلماناً وأعواناً، فإن ذلك أرعب لقلوب العامة وأشد خوفاً /.
ويلازم الأسواق والدروب في أوقات الغفلة عنه، ويتخذ له فيها عيوناً يوصلون إليه الأخبار وأحوال السوقة".