الآخرة رأساً فلا يذكر لطول أمله، وتخوله في نعم الله تعالى، واغتراره بدار الفناء، معتقداً أن ما هو فيه مما يستحقه على الله، وأنه لذلك أهل دون غيره.
فمئال هذا المغرور المفتن في دينه ودنياه، إلى نفس واحد يخرج منه، ثم لا يعود إليه، فيندم حيث لا ينفعه الندم، ويأتيه ذلك بغتة، وهو مستغرق في لذاته، ولا يمكنه من تدارك شيء فاته، بل يجب أن يكون يقظاً بصيراً، يحاسب نفسه كل وقت على ما وقع من هفواته، ويستغفر الله تعالى ويتوب إليه من كل ذنب، ويتفكر في حاله، وما يصير إليه لخير أم لشر، ويتدبر قوله:ﷺ: "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل".
وينبغي للسلطان خصوصاً أن يحسن إلى رغيته ما استطاع، ويكف ظلمه عنهم، ليكون ذلك سبباً لانقيادهم إليه، وانعطاف قلوبهم عليه؛ فلعل أن يصادفه دعوة من ولي منهم، أو عالم، أو صالح، أو مظلوم، أزال ظلامته، فإنها مستجابة منهم فيفلح في دنياه، وآخرته، "ومتى اهتمت ولاة الأمور بإصلاح دين الناس، صلح للطائفين دينهم ودنياهم، والا اضطربت الأمور عليهم، وملاك ذلك كله / حسن النية للرعية، وإخلاص الدين كله لله، والتوكل عليه فإن الإخلاص، والتوكل جماع صلاح (الخاصة والعامة). كما أمرنا أن نقول في صلاتنا: ﴿إياك نعبد وإياك