من ذلك في الدنيا، ويعلم أن ذلك هو الخير الأصلح في حقه، والدليل على محبة الله تعالى له، ويسأل من الله سبحانه الصبر، والإعانة، والتوفيق لما يحب ويرضى.
"ومنا بيت مال المسلمين. وقد قدر الشارع المصارف فيه، وجعل لكل مال أقواماً وقدراً، فإن تعدى هذا كله وصرفه في شهواته ولذاته، وظن أن الملك عبارة عن ذلك، فلا يلوم إلا نفسه. وإذا جاءه سهم من قبل الله، فلا يستوحش، وإن أخذ يصرف أموال المسلمين على خواصه، ومن يريد استمالة قلوبهم إليه لبقاء ملكه، لا لإعزاز دين الله، وأعجبه مدائح الشعراء لكرمه فذلك خسف، وقد امتلأت التواريخ ممن كان يهب الألوف للشعراء، والألوف للماليك، والألوف للمغاني وأرباب الملاهي، وكل ذلك وبال على صاحبه".
"فقد قال السيد علي بن أبي طالب – كرم الله وجهه – والخزائن مملوءة بين يديه -: "من يشتري مني سيفي هذا؟ ولو وجدت رداءً استتر به ما بعته". ومثل هذا كثير عن الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين مملوءة بها الدواوين، ولسنا نطالب أهل زماننا بسيرة أولئك الماضيين؛ فإنهم لا يصلون إلى هذا المقام، ولكن نذكرهم بذلك، لعلهم يرجعون، أو يقصرون ويعتبرون، فلا بد في الذكرى من نفع إن شاء الله تعالى".