قال:«إنه لا سبيل إليها»(١) فأشار - رضي الله عنه - إلى المحذور الذي يترقب من جراء هدمها وضمها إلى المسجد.
ومع هذه المخالفة الصريحة للأحاديث المتقدمة وسنة الخلفاء الراشدين، فإن المخالفين لما أدخلوا القبر النبوي في المسجد الشريف احتاطوا للأمر شيئًا ما، فحاولوا تقليل المخالفة ما أمكنهم حيث «بنوا على القبر حيطانًا مرتفعة مستديرة حوله، لئلا يظهر في المسجد، فيصلي إليه العوام، ويؤدي إلى المحذور، ثم بنوا جدارين من ركني القبر الشماليين وحرفوهما حتى التقيا، حتى لا يتمكن أحد من استقبال القبر. (انظر (شرح مسلم) للنووي (٥/ ١٤)
الشبهة الثالثة: أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - صلى في مسجد الخيف وقد ورد في الحديث أن فيه قبر سبعين نبياّ!
الجواب: لا نشك في صلاته - صلى الله عليه وآله وسلم - في هذا المسجد، ولكننا نقول: إن ما ذكر في الشبهة من أنه دفن فيه سبعون نبيًا لا حجة فيه من وجهين:
الأول: أننا لا نسلم بصحة الحديث المشار إليه، لأنه لم يروه أحد ممن عني بتدوين الحديث الصحيح، ولا صححه أحد ممن يوثق بتصحيحه من الأئمة المتقدمين، ولا النقد الحديثي يساعد على تصحيحه؛ فإن في إسناده من يروي الغرائب وذلك مما يجعل القلب لا يطمئن لصحة ما تفرد به، قال الطبراني في (معجمه الكبير)(٣/ ٢٠٤/٢):حدثنا عبدان بن أحمد نا عيسى بن شاذان، نا أبو همام الدلال، نا إبراهيم بن طمهان، عن منصور، عن مجاهد، عن ابن عمر مرفوعًا بلفظ:«في مسجد الخيف قَبْر سبعين نبيًا».
(١) انظر (طبقات ابن سعد) (٤/ ٢١) و (تاريخ دمشق) لا بن عساكر. (٨/ ٤٧٨/٢) وقال السيوطي في (الجامع الكبير) (٣/ ٢٧٢/٢):وسنده صحيح إلا أن سالمًا أبا النضر لم يدرك عمر.