للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[سابع عشر: هل النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - خلق من نور وهل هو أول مخلوقات الله؟]

من المعلوم أن الإيمان بالرسل من أركان الإيمان الستة، كما جاء في حديث جبريل لما سأل النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عن الإيمان قال: «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقضاء والقدر خيره وشره من الله تعالى» (متفق عليه)، وقد وصف الله الرسل في القرآن بأنهم بشر اختارهم لدعوة الناس إليه وأنهم كانوا يأكلون الطعام وكانوا يعالجون المعاش والسعي في الأرض كبقية البشر، ولم يكن أحد منهم يعلم الغيب، أو يتصرف في الأكوان كما يشاء.

لقد كانت سيرة الرسل وعلى رأسهم محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - مبينة أنهم بشر قاسوا ما قاساه البشر من الآلام والأسقام والأوجاع والفتن والبلايا وتضرعوا إلى ربهم ودعوه، وخافوه، وأحبوه كذلك وطلبوا نصرته وعونه سبحانه وتعالى، وكان خاتمهم وخيرهم محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - أكمل الرسل في تحقيق عبودية الله سبحانه وتعالى على نفسه؛ فقد قام من الليل حتى تفطرت قدماه، وأوذي بالله أشد الأذى.

ومن قرأ القرآن، وعلم شيئًا من الإسلام، ودرس سيرة الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - حصل العلم الضروري الذي لا يدافع بأن محمدًا - صلى الله عليه وآله وسلم - هو عبدالله ورسوله، وأنه وُجد يوم وُجد على الأرض بشرًا كالبشر لا علم له بشيء مما كان في الملأ الأعلى كما قال تعالى: {قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ * أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ * مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ * إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ * إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} (ص:٦٧ - ٧٢)، فالرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - أمره الله - عز وجل - أن يقول هنا: {مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ} والملأ الأعلى هم الملائكة عندما أمرهم الله بالسجود لآدم فسجدوا إلا إبليس فكان بينه وبين الرب - عز وجل - ما كان مما

<<  <   >  >>