الجواب: الاستغاثة بالمخلوق فيما يقدر عليه لا ننكرها، كما قال الله تعالى في قصة موسى:{فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ}(القصص:١٥).
والناس لم يستغيثوا بهؤلاء الأنبياء الكرام ليزيلوا عنهم الشدة، ولكنهم يستشفعون بهم عند الله - عز وجل - ليزيل هذه الشدة، وهناك فرق بين من يستغيث بالمخلوق ليكشف عنه الضرر والسوء، ومن يستشفع بالمخلوق إلى الله ليزيل الله عنه ذلك، وهذا أمر جائز كما أن الصحابة - رضي الله عنهم - يسألون النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في حياته أن يدعو الله لهم، وأما بعد موته فحاشا وكلا أنهم سألوه ذلك عند قبره، بل أنكر السلف الصالح على من قصد دعاء الله عند قبره فكيف بدعائه نفسه؟
ولا بأس أن تأتي لرجل صالح حي تعرفه وتعرف صلاحه فتسأله أن يدعو الله لك، وهذا حق إلا أنه لا ينبغي للإنسان أن يتخذ ذلك ديدنًا له كلما رأى رجلًا صالحًا قال: ادع الله لي، فإن هذا ليس من عادة السلف - رضي الله عنهم -، وفيه اتكال على دعاء الغير، ومن المعلوم أن الإنسان إذا دعا ربه بنفسه كان خيرًا له؛ لأنه يفعل عبادة يتقرب بها إلى الله - عز وجل -.
الشبهة الحادية عشرة: قولهم: أن في قصة إبراهيم - عليه السلام - لما أُلقِي في النار اعترض له جبريل في الهواء فقال: ألك حاجة؟ فقال إبراهيم: أما إليك فلا، دليل على أنه لو كانت الاستغاثة بجبريل شركًا لم يعرضها على إبراهيم؟
الجواب: أولًا: قال العجلوني في (كشف الخفاء:١١٣٦): «(حسبي من سؤالي علمه بحالي) ذكره البغوي في تفسير سورة الأنبياء بلفظ: رُوِي عن كعب الأحبار أن إبراهيم قال حين أوثقوه ليلقوه في النار: «لا إله إلا أنت سبحانك رب العالمين، لك الحمد ولك الملك لا شريك لك» ثم رموا به في المنجنيق إلى النار فاستقبله جبريل، فقال:«يا إبراهيم ألك حاجة؟» قال: «أما إليك فلا»، قال جبريل:«فسَلْ ربك»، فقال إبراهيم:«حسبي من سؤالي علمه بحالي» انتهى، وذكر البغوي في تفسير {قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ}(الأنبياء:٦٨) أن إبراهيم - عليه السلام - قال:«حسبي الله ونعم الوكيل» حين قال له خازن المياه لما أراد النمرود إلقاؤه في النار: إن أردتَ أخمدتُ النار، وأتاه خازن الرياح فقال له: إن