مثال ذلك: إذا قال لك: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}(يونس:٦٢) أو استدل بالشفاعة أنها حق، وأن الأنبياء لهم جاه عند الله أو ذكر كلامًا للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يستدل به على شيء من باطله، وأنت لا تفهم معنى الكلام الذي ذكره، فجاوبه بقولك: إن الله ذكر أن الذين في قلوبهم زيغ يتركون المحكم ويتبعون المتشابه، والله - سبحانه وتعالى - ذكر أن المشركين يقرون بالربوبية، وأن كفرهم بتعلقهم على الملائكة والأنبياء والأولياء مع قولهم:{هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللهِ}(يونس:١٨) وهذا أمر مُحكَمٌ بَيِّنٌ، لا يقدر أحد أن يغير معناه، وما ذكرتَه لي من القرآن أو كلام النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لا أعرف معناه، ولكن أقطع أن كلام الله لا يتناقض، وأن كلام النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لا يخالف كلام الله - عز وجل -.
وأما الجواب المفصل: فإن لهم شبهات كثيرة، منها:
الشبهة الأولى: قولهم: نحن لا نشرك بالله، ونشهد أنه لا يخلق ولا يرزق ولا ينفع ولا يضر إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا - صلى الله عليه وآله وسلم - لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا، ولكننا مذنبون، والصالحون لهم جاه عند الله، ونطلب من الله بهم.
الجواب: اعلم أن الذين قاتلهم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - واستباح دماءهم ونساءهم مقرون بذلك، ومقرون بأن أوثانهم لا تدبر شيئًا، وإنما أرادوا الجاه والشفاعة، ولم يُغْنِهم هذا التوحيد شيئًا.
وقد ذكر الله - عز وجل - في محكم كتابه:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ}(الأنبياء:٢٥).وقال تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ}(الذاريات:٥٦).وقال تعالى:{شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمًا بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}(آل عمران:١٨).وقال تعالى:{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ}(البقرة:١٦٣).وقال تعالى:{فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ}(العنكبوت:٥٦) إلى غيرها من الآيات الكثيرة الدالة على وجوب توحيد الله - عز وجل - في عبادته، وأن لا يعبد أحد سواه.