فالواجب علينا أن نتعلم من دين الله ما يصير لنا سلاحًا نقابلهم به فجند الله هم الغالبون بالحجة واللسان، كما أنهم الغالبون بالسيف والسنان، وإنما الخوف على من يسلك الطريق إلى الله وليس معه سلاح.
وقد مَنَّ الله تعالى علينا بكتابه الذي جعله:{تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}(النحل:٨٩).فلا يأتي صاحب باطل بحجة إلا وفي القرآن ما ينقضها ويبين بطلانها، كما قال تعالى:{وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا}(الفرقان:٣٣).
* أحيانًا يستدل الصوفي بشبهات عقلية، وعندئذ يجب أن يعلم أن العقل ليس مصدرًا من مصادر التشريع، وأنه يجب رد النزاع إلى الكتاب والسنة الصحيحة؛ قال تعالى:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}(النساء:٥٩)
خامسًا: عليك بالرفق والمجادلة بالتي هي أحسن؛ لعل الله أن يهديه على يديك: قال الله - عز وجل -: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}
قال الحافظ ابن كثير: «يقول تعالى آمرًا رسوله محمدًا - صلى الله عليه وآله وسلم - أن يدعو الخلق إلى الله {بِالْحِكْمَةِ} قال ابن جرير: وهو ما أنزله عليه من الكتاب والسنة {وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} أي: بما فيه من الزواجر والوقائع بالناس، ذكِّرهم بها، ليحذروا بأس الله تعالى.
وقوله:{وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} أي: من احتاج منهم إلى مناظرة وجدال، فليكن بالوجه الحسن برفق ولين وحسن خطاب، كما قال:{وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ}(العنكبوت: ٤٦) فأمره تعالى بلين الجانب، كما أمر موسى وهارون سدد خطاكم، حين بعثهما إلى فرعون فقال:{فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}(طه: ٤٤).