[ثاني عشر: رأس الحسين - رضي الله عنه -]
سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَة - رحمه الله - عَنْ الْمَشْهَدِ الْمَنْسُوبِ إلَى الْحُسَيْنِ - رضي الله عنه - بِمَدِينَةِ الْقَاهِرَةِ: هَلْ هُوَ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟ وَهَلْ حُمِلَ رَأْسُ الْحُسَيْنِ إلَى دِمَشْقَ ثُمَّ إلَى مِصْرَ أَمْ حُمِلَ إلَى الْمَدِينَةِ مِنْ جِهَةِ الْعِرَاقِ؟ وَهَلْ لِمَا يَذْكُرُهُ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ جِهَةِ الْمَشْهَدِ الَّذِي كَانَ بِعَسْقَلَانَ صِحَّةٌ أَمْ لَا؟ وَمَنْ ذَكَرَ أَمْرَ رَأْسِ الْحُسَيْنِ وَنَقَلَهُ إلَى الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ دُونَ الشَّامِ وَمِصْرَ؟ وَمَنْ جَزَمَ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ والمتأخرين بِأَنَّ مَشْهَدَ عَسْقَلَانَ وَمَشْهَدَ الْقَاهِرَةِ مَكْذُوبٌ وَلَيْسَ بِصَحِيحِ؟
فَأَجَابَ: بَلْ الْمَشْهَدُ الْمَنْسُوبُ إلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ - رضي الله عنهما - الَّذِي بِالْقَاهِرَةِ كَذِبٌ مُخْتَلَقٌ بِلَا نِزَاعٍ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ الْمَعْرُوفِينَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ الَّذِينَ يَرْجِعُ إلَيْهِمْ الْمُسْلِمُونَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ لِعِلْمِهِمْ وَصِدْقِهِمْ. وَلَا يُعْرَفُ عَنْ عَالِمٍ مُسَمًّى مَعْرُوفٍ بِعِلْمِ وَصِدْقٍ أَنَّهُ قَالَ: إنَّ هَذَا الْمَشْهَدَ صَحِيحٌ.
وَإِنَّمَا يَذْكُرُهُ بَعْضُ النَّاسِ قَوْلًا عَمَّنْ لَا يُعْرَفُ عَلَى عَادَةِ مَنْ يَحْكِي مَقَالَاتِ الرَّافِضَةِ (١) وَأَمْثَالِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْكَذِبِ. فَإِنَّهُمْ يَنْقُلُونَ أَحَادِيثَ وَحِكَايَاتٍ وَيَذْكُرُونَ مَذَاهِبَ وَمَقَالَاتٍ. وَإِذَا طَالَبْتهمْ بِمَنْ قَالَ ذَلِكَ وَنَقَلَهُ؟ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عِصْمَةٌ يَرْجِعُونَ إلَيْهَا. وَلَمْ يُسَمُّوا أَحَدًا مَعْرُوفًا بِالصِّدْقِ فِي نَقْلِهِ وَلَا بِالْعِلْمِ فِي قَوْلِهِ؛ بَلْ غَايَةُ مَا يَعْتَمِدُونَ عَلَيْهِ: أَنْ يَقُولُوا: أَجْمَعَتْ الطَّائِفَةُ الْحَقَّةُ. وَهُمْ عِنْدَ أَنْفُسِهِمْ الطَّائِفَةُ الْحَقَّةُ الَّذِينَ هُمْ عِنْدَ أَنْفُسِهِمْ الْمُؤْمِنُونَ وَسَائِرُ الْأُمَّةِ سِوَاهُمْ كُفَّارٌ.
وقال أيضًا: بَلْ نَحْنُ نَعْلَمُ وَنَجْزِمُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ رَأْسُ الْحُسَيْنِ - رضي الله عنه - وَلَا كَانَ ذَلِكَ الْمَشْهَدُ الْعَسْقَلَانِيُّ مَشْهَدًا لِلْحُسَيْنِ مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ: مِنْهَا:
* أَنَّهُ لَوْ كَانَ رَأْسُ الْحُسَيْنِ - رضي الله عنه - هُنَاكَ لَمْ يَتَأَخَّرْ كَشْفُهُ وَإِظْهَارُهُ إلَى مَا بَعْدَ مَقْتَلِ الْحُسَيْنِ بِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِمِائَةِ سَنَةٍ وَدَوْلَةُ بَنِي أُمَيَّةَ انْقَرَضَتْ قَبْلَ ظُهُورِ ذَلِكَ بِأَكْثَرَ مِنْ
(١) الرافضة: الشيعة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute