[الأدلة على حرص رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - على بقاء أصلي التوحيد:«لا إله إلا الله، محمد رسول الله»، نقيتن صافيتن]
الدليل الأول: أنه رأى يومًا بيد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ورقة من التوراة، وكان عمر قد أعجبه ما فيها، فغضب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - غضبًا شديدًا، وقال لعمر:«أهذا وأنا بين أظهركم، لقد جئتكم بها بيضاء نقية. والله لو كان موسى حيًا لما وسعه إلا أن يتبعني»(رواه الإمام أحمد وحسنه الألباني) وفي هذا الحديث من الفقه:
أولا: أن الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - تعجب أن يبدأ الاهتداء بغير الكتاب والسنة وهو ما زال حيًا. ومن مقتضى الإيمان بالكتاب والسنة أن يعتقد أن الهدي فيهما وحدهما.
ثانيًا: أن الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - قد جاء بالدين نقيًا خالصًا، لم تَشُبْهُ شائبة من تغيير أو تبديل أو تحريف، والصحابة يتلقونه غضًا طريًا خالصًا، فكيف ينصرفون عنه ويهتدون بما شابه التحريف والتبديل والزيادة والنقص.
ثالثًا: أن موسى - عليه السلام - نفسه الذي نزلت عليه التوراة لو أنه حي موجود لكان اللازم في حقه هو متابعة الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -، وترك شريعته التي بلغها للناس.
وهذا الحديث أصل في بيان منهج الكتاب والسنة، وأنه لا يجوز لأحد أن يهتدي بعلم يقرب إلى الله، ويصلح النفس غير الذي بعث به رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - حتى لو كان أصله من شريعة منزلة علي أحد الأنبياء السابقين.
الدليل الثاني: أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - سمع خطيبًا يخطب بين يديه فكان مما قاله: من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «بئس خطيب القوم أنت، قل: ومن يعص الله ورسوله فقد غوى»(رواه مسلم).
فهذا الخطيب قد قاطعه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، وقبَّح قوله أمام الناس، والسبب أنه جمع بين الله ورسوله في ضمير واحد (ومن يعصهما) فأمره الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - بأن يعيد ذكر الاسم الظاهر لله ولرسوله، حتى لا يُظن ـ ولو من بعيد ـ أن منزلة الرسول كمنزلة الله - عز وجل -.