* قال الحافظ ابن كثير:«{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} أي: عن أمر رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، وهو سبيله ومنهاجه وطريقته وشريعته فتوزن الأقوال والأعمال بأقواله وأعماله، فما وافق ذلك قُبِل وما خالفه فهو مردود على قائله وفاعله، كائنًا من كان كما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال: «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد»(رواه البخاري ومسلم) أي: فليحذر ولْيَخْش من خالف شريعة الرسول باطنًا أو ظاهرًا {أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} أي: في قلوبهم، من كفر أو نفاق أو بدعة {أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أي: في الدنيا، بقتل أو حد أو حبس، أو نحو ذلك».
* لا يُعرف الحق في مسألة ما بكثرة القائلين به، بل يُعرف الحق بالدليل من الكتاب والسنة.
سنة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فعلية وتركية * سنة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كما تكون بالفعل تكون بالترك، فكما كلفنا الله تعالى باتباع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في فعله الذي يتقرب به إذا لم يكن من باب الخصوصيات، كذلك طالبنا باتباعه في تركه فيكون الترك سنة، وكما لا نتقرب إلى الله تعالى بترك ما فعل، لا نتقرب إليه بفعل ما ترك فلا فرق بين الفاعل لما ترك والتارك لما فعل. والكلام في ترك شيء لم يكن في زمنه - صلى الله عليه وآله وسلم - مانع منه وتوفرت الدواعي على فعله، كتركه الأذان للعيدين، والغسل لكل صلاة، وصلاة ليلة النصف من شعبان، والأذان للتراويح، والقراءة على الموتى، فهذه أمور تُرِكت في عهد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - السنين الطوال مع عدم المانع من فعلها ووجود مقتضيها؛ لأنها عبادات والمقتضي لها موجود وهو التقرب إلى الله تعالى، والوقت وقت تشريع وبيان للأحكام، فلو كانت دينًا وعبادة يُتقرب بها إلى الله تعالى ما تركها السنين الطويلة مع أمره بالتبليغ وعصمته من الكتمان، فتركه - صلى الله عليه وآله وسلم - لها ومواظبته على الترك ـ مع عدم المانع ووجود المقتضي ومع أن الوقت وقت تشريع ـ دليل على أن المشروع فيها هو الترك، وأن الفعل خلاف المشروع، فلا يتقرب بها؛ لأن