للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سادس عشر: الموالد]

قد جاء عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، والسلف، النهي عن اتخاذ قبور الأنبياء والصالحين عيدًا، عموما وخصوصًا.

فأما العموم: فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «لا تجعلوا بيوتكم قبورًا، ولا تجعلوا قبري عيدًا، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم». (رواه أبو داود وصححه الألباني)

ووجه الدلالة: أن قبر رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أفضل قبر على وجه الأرض، وقد نهى عن اتخاذه عيدًا. فقبر غيره أولى بالنهي كائنًا من كان، ثم إنه قَرَن ذلك بقوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «ولا تتخذوا بيوتكم قبورًا» أي لا تعطلوها عن الصلاة فيها والدعاء والقراءة، فتكون بمنزلة القبور، فأمر بتحري العبادة في البيوت، ونهى عن تحريها عند القبور، عكس ما يفعله المشركون من النصارى ومن تشبه بهم. ثم إنه - صلى الله عليه وآله وسلم - أعقب النهي عن اتخاذه عيدًا بقوله: «صَلُّوا علي فإن صلاتَكم تبلغُني حيثما كنتم» يشير بذلك - صلى الله عليه وآله وسلم - إلى أن ما ينالني منكم من الصلاة والسلام يحصل مع قرْبِكم من قبري وبُعْدِكم منه فلا حاجة بكم إلى اتخاذه عيدًا.

والأحاديث عنه بأن صلاتنا وسلامنا تعرض عليه - صلى الله عليه وآله وسلم - كثيرة: مثل ما روى أبو داود عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: «ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام» - صلى الله عليه وآله وسلم -. (وهذا الحديث على شرط مسلم وحسنه الألباني) ومثل ما روى أبو داود أيضًا عن أوس بن أوس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: «أكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة وليلة الجمعة، فإن صلاتكم معروضة علَيَّ»، قالوا: يا رسول الله كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرِمْتَ؟ فقال: «إن الله حرم على الأرض أجساد الأنبياء». (صححه الألباني) (أرم أي صار رميمًا، أي عظمًا باليًا)

وفي النسائي وغيرِه عنه - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال: «إن لله ملائكة سياحين في الأرض يُبَلَّغوني عن أمتي السلام» (صححه الألباني).

والعيد إذا جعل اسمًا للمكان فهو المكان الذي يقصد الاجتماع فيه، وإتيانه مرة بعد مرة للعبادة عنده، أو لغير العبادة، كما أن المسجد الحرام ومنى ومزدلفة وعرفة، جعلها

<<  <   >  >>