للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد حكم الله تعالى بكفر المنافقين الذين قالوا كلمة الكفر مع أنهم كانوا مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يصلون ويزكون ويحجون ويجاهدون ويوحدون، فقال الله تعالى فيهم: {يَحْلِفُونَ بِاللهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ} (التوبة:٧٤).

وحكم الله تعالى بكفر المنافقين الذين قالوا كلمةً ذكروا أنهم قالوها على وجه المزح، فقال الله تعالى فيهم: {قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (التوبة: ٩٦).

ومن الدليل على أن الإنسان قد يقول أو يفعل ما هو كفر من حيث لا يشعر قول بني إسرائيل مع إسلامهم وعلمهم وصلاحهم لموسى عليه الصلاة والسلام: {اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} وقول أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط» فقال: «الله أكبر إنها السنن قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: {اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} (الأعراف: ١٣٨) لتركبن سنة من كان قبلكم». (رواه الترمذي وصححه الألباني). وهذا يدل على أن موسى ومحمدًا ـ عليهما الصلاة والسلام ـ قد أنكروا ذلك غاية الإنكار.

الشبهة التاسعة: قولهم: في قول بني إسرائيل لموسى {اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} وقول بعض الصحابة للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط» إن الصحابة وبني إسرائيل لم يكفروا.

الجواب: أن الصحابة وبني إسرائيل لم يفعلوا ذلك حين لقوا من الرسولين الكريمين إنكار ذلك، ولا خلاف أن بني إسرائيل لو فعلوا ذلك لكفروا، وكذلك لا خلاف في أن الذين نهاهم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لو لم يطيعوه واتخذوا ذات أنواط بعد نهيه لكفروا.

الشبهة العاشرة: قولهم: إن الناس يوم القيامة يستغيثون بآدم، ثم بنوح، ثم إبراهيم، ثم بموسى، ثم بعيسى، فكلهم يعتذر حتى ينتهوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، فهذا يدل على أن الاستغاثة بغير الله ليست شركًا.

<<  <   >  >>