الجواب: اعلم أن هذا قول الكفار سواءً بسواء حيث قال تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى}(الزمر:٣) وقوله تعالى: {هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللهِ}(يونس:١٨).
[الشبهة الرابعة: قولهم: نحن لا نعبد إلا الله، وهذا الالتجاء إلى الصالحين ودعاؤهم ليس بعبادة.]
الجواب: اعلم إن الله فرض عليك إخلاص العبادة له وهو حقه على الناس، حيث قال تعالى:{ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}(الأعراف:٥٥).والدعاء عبادة، وإذا كان عبادة فإن دعاء غير الله شركٌ بالله - عز وجل - والذي يستحق أن يُدعى ويُعبد ويُرجى هو الله وحده لا شريك له.
فإذا علمنا أن الدعاء عبادة، ودعونا الله ليلًا ونهارًا، خوفًا وطمعًا، ثم دعونا في تلك الحاجة نبينًا - صلى الله عليه وآله وسلم - أو غيره فقد أشركنا في عبادة الله غيره.
وقال تعالى:{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَر}(الكوثر:٢) فإذا أطعنا الله ونحرنا له، فهذه عبادة لله، فإذا نحرنا لمخلوق ـ نبي، أو جني أو غيرهما ـ فقد أشركنا في العبادة غير الله.
والمشركون الذين نزل فيهم القرآن، كانوا يعبدون الملائكة والصالحين واللات، وما كانت عبادتهم إياهم إلا في الدعاء والذبح والالتجاء ونحو ذلك، وهم مقرون أنهم عبيد لله وتحت قهره، وأن الله هو الذي يدبر الأمر، ولكن دعوهم والتجأوا إليهم للجاه والشفاعة وهذا ظاهر جدًا.
[الشبهة الخامسة: قولهم: أنتم تنكرون شفاعة الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -.]
الجواب: نحن لا ننكر شفاعة الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - ولا نتبرأ منها، بل هو - صلى الله عليه وآله وسلم -، الشافع المشفع ونرجو شفاعته، ولكن الشفاعة كلها لله، كما قال تعالى:{قُل للهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا}(الزمر:٤٤).ولا تكون إلا من بعد إذن الله كما قال - عز وجل -: {مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ}(البقرة:٢٥٥) ولا يشفع إلا من بعد أن يأذن الله فيه كما قال - عز وجل -: {وَلا يَشْفَعُونَ