التصوف حركة دينية انتشرت في العالم الإسلامي في القرن الثالث الهجري كنزعات فردية تدعو إلى الزهد وشدة العبادة كَرَدّ فعل مضاد للانغماس في الترف الحضاري. ثم تطورت تلك النزعات بعد ذلك حتى صارت طرقًا مميزة معروفة باسم الصوفية. ولا شك أن ما يدعو إليه الصوفية من الزهد والورع والتوبة والرضا إنما هي أمور يحث الإسلام على التمسك بها والعمل من أجلها ولكن الصوفية في ذلك يخالفون ما دعا إليه الإسلام حيث ابتدعوا مفاهيم وسلوكيات مخالفة لما كان عليه الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - وصحابته فالمتصوفة يتوخون تربية النفس والسمو بها بغية الوصول إلى معرفة الله تعالى بالكشف والمشاهدة لا عن طريق اتباع الوسائل الشرعية.
* يخلط الكثيرون بين الزهد والتصوف ومن هنا كان تأثر الكثيرين بالتصوف فالزهد ليس معناه هجر المال والأولاد وتعذيب النفس والبدن بالسهر الطويل والجوع الشديد والاعتزال في البيوت المظلمة والصمت الطويل وعدم التزوج.
* يعتقد كثير من الصوفية في الأولياء بأن لهم القدرة على إنزال المطر وشفاء الأمراض وإحياء الموتى وحفظ العالم من الدمار. ولا شك أن هناك آثارًا خطيرة تترتب على هذه العقيدة من أهمها الوقوع في شرك الربوبية والعياذ بالله.
[تلبيس الشيطان على الصوفية:]
كتب الإمام أبو الفرج عبدالرحمن بن الجوزي البغدادي المتوفي سنة ٥٩٧هـ كتابًا فريدًا سماه (تلبيس إبليس) خص الصوفية بمعظم فصوله وبيَّن تلبيس الشيطان عليهم، وكان مما ذكره الآتي:
* «وكان أصل تلبيسه عليهم أنه صدهم عن العلم وأراهم أن المقصود العمل فلما أطفأ مصباح العلم عندهم تخبطوا في الظلمات. فمنهم من أراه أن المقصود من ذلك ترك الدنيا في الجملة فرفضوا ما يصلح أبدانهم. وشبهوا المال بالعقارب، ونسوا أنه خلق للمصالح وبالغوا في الحمل على النفوس حتى إنه كان فيهم من لا يضطجع. وهؤلاء