وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي في (فتح الباري): «وقد دل حديث ابن عباسٍ على رفع الصوت بالتكبير عقب الصلاة المفروضة، وقد ذهب الى ظاهره أهل الظاهر، وحُكِي عن أكثر العلماء خلاف ذلك، وأن الأفضل الإسرار بالذكر؛ لعموم قوله تعالى:{وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً}(الأعراف:٢٠٥) وقوله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً}(الأعراف:٥٥)، ولقول النَّبيّ - صلى الله عليه وآله وسلم - لمن جهر بالذكر من أصحابه:«إنكم لا تدعون أصم ولا غائباً»(١).
وحمل الشافعي حديث ابن عباسٍ هذا على أنه جهر به وقتاً يسيراً حتى يعلمهم صفة الذكر؛ لا أنهم جهروا دائماً ... وكذلك ذكر أصحابه. وذكر بعض أصحابنا مثل ذلك أيضاً. ولهم وجهٌ آخر: أنه يكره الجهر به مطلقاً.
وقال القاضي أبو يعلى في (الجامع الكبير): «ظاهر كلام أحمد: أنه يسن للإمام الجهر بالذكر والدعاء عقب الصلوات بحيث يسمع المأموم، ولا يزيد على ذلك».
وذكر عن أحمد نصوصًا تدل على أنه كان يجهر ببعص الذكر، ويُسِرّ الدعاء، وهذا هو الأظهر، وأنه لا يختص ذلك بالإمام؛ فإن حديث ابن عباس هذا ظاهره يدل على جهر المأمومين أيضًا.