للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السذج، ويزعمون هذا من دينهم، ولكن ليس هذا من الدين في شيء ... والحكايات التي تحكي عن الخضر إنما هي مخترعات ما أنزل الله بها من سلطان

هل الخضر نبي أم ولي؟ قد اختلف العلماء في ذلك، والأظهر أنه نبي ـ كما يبدو من قول الله - عز وجل -: {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} (الكهف: ٨٢) أي ليس لي دخل في الذي فعلت فهي دليل على أنه فعل ذلك عن أمر الله، ومن وحيه لا من عند نفسه. فالأرجح أنه نبي وليس مجرد ولي.

وممايؤكد أنه نبي أن الله تبارك وتعالى قال: {فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا} والله تبارك وتعالى لا يؤتي هذا العلم الا لنبي.

فالخضر - عليه السلام - على قول أغلب العلماء نبي. وليس بعجيب أن يتعلم نبي من نبي.

قد يقول البعض: وهل ينبني على ذلك حكم؟ نقول نعم فقد قيل: «إن أول عقدة تحل من الزندقة أن يكون الخضر نبيًا»؛ لأن غلاة الصوفية يزعمون أن الولي أعظم من النبي مقام النبوة في برزخ فويق الرسول ودون الولي. فالولي عندهم أعظم من النبي. وهذا ضلال مبين وزندقة؛ لأن النبوة ليست مكتسبة. إن النبوة منحة من الله - عز وجل - لا تكتسب فلذلك كان إثبات أن الخضر نبي أول عقدة تحل من هذا الحبل الطويل من الزندقة.

هل الخضر أعلم من موسى سدد خطاكم؟ الجواب: لا؛ لأن الخضر - عليه السلام - كان أعلم منه بهذه الجزئية التي علمه الله تعالى اياها فقط، أما في بقية العلم فلا شك أن موسى - عليه السلام - أعلم، ولا شك أن موسى أفضل من الخضرسدد خطاكم؛ لذلك قال له الخضر لما نقر العصفور من ماء البحر، قَالَ: «يَا مُوسَى، إِنِّي عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَنِيهِ اللهُ لَا تَعْلَمُهُ، وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللهِ عَلَّمَكَهُ اللهُ لَا أَعْلَمُهُ»، فهنا الخضر - عليه السلام - إنما هو أعلم من موسى بهذه الجزئية فقط.

<<  <   >  >>