* كان الصحابة - رضي الله عنهم - يرون في ترك الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - للفعل، مع وجود المقتضي له، الحظر وأنه منهي عنه، دليل ذلك أنه لما قُدِّم الضب إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - رفع يده عنه وترك أكْله فقال خالد بن الوليد:«أحرامٌ الضبّ يا رسول الله؟» قال: «لا، ولكنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه»، قال خالد:«فاجتززته فأكلته ورسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ينظر إلى»(رواه البخاري، والضب: حيوان من الزواحف)، فلو لم يكن الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - مُتَّبَعًا في تركه كما هو متبع في فعله، لما كان لتوقف الصحابة وترْك الأكل من الضب وجه وقد فهموا، وهم أدرى الناس بالدين، أولًا أنه امتنع عنه فتركوه، وبعد أن أخبرهم بأن هناك سببًا أخر ـ وهو عدم الإلف ـ أكلوا منه ولم يروا بذلك بأسًا.
* قال تعالى:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ}(الأحقاف: ١١)، قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله - في تفسير هذه الآية:«أي قالوا عن المؤمنين بالقرآن لو كان القرآن خيرًا ما سبقنا هؤلاء إليه، يعنون بلالًا وعمارًا وصهيبًا وخبابًا - رضي الله عنهم - وأشباهم من المستضعفين والعبيد والإماء. .. وأما أهل السنة والجماعة فيقولون في كل فعل وقول لم يثبت عن الصحابة - رضي الله عنهم - هو بدعة، لأنه لو كان خيرًا لسبقونا إليه؛ لأنهم لم يتركوا خصلة من خصال الخير إلا وقد بادروا إليها».
قال حذيفة - رضي الله عنه -: «كل عبادة لم يتعبد بها أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فلا تتعبدوا بها؛ فإن الأول لم يدَعْ للآخِر مقالًا»(الأمر بالاتباع للسيوطي ص٦٢)
* يستدل كثير من الناس بالنصوص العامة لتسويغ بدعهم، والتدليل على واقعهم! وهذا خطأ كبير.
مثال: الأذان في العيدين، لما أحدثه بعض الأمراء، أنكره المسلمون؛ لأنه بدعة، فلو لم يكن كونه بدعة دليلًا على كراهته، وإلا لقيل: هذا ذكر لله ودعاء للخلق إلى عبادة الله، فيدخل في العمومات. كقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا}(الأحزاب:٤١) وقوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللهِ}(فصلت:٣٣) أو يقاس على الأذان في الجمعة، فإن الاستدلال على حسن الأذان في العيدين، أقوى من الاستدلال على حسن أكثر البدع. بل يقال: تَرْك رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ـ مع وجود ما يُعتقَد