للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فنحن نصومُه شكرًا لله تعالى»، فقال: «أنا أحقُّ بموسى منكم فَصامَه وأمَرَ بصيامِه» فيستفاد من فعل ذلك شكرًا لله تعالى على ما منّ به في يوم معين من إسداء نعمة أو دفع نقمة، ويعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سنة، والشكر يحصل بأنواع العبادات والسجود والصيام والصدقة والتلاوة، وأي نعمة أعظم من النعمة ببروز هذا النبي الكريم نبي الرحمة في ذلك اليوم.

* الرد:

١ - تخريج الحافظ ابن حجر عمل المولد على صيام عاشوراء لا يمكن الجمع بينه وبين جزمه بأن ذلك بدعة لم تُنقل عن أحد من السلف من القرون الثلاثة ـ كما نُقِل ذلك عنه ـ فإن عدم عمل السلف الصالح بالنص على الوجه الذي يفهمه مَنْ بعدهم، يمنع اعتبار ذلك الفهم صحيحًا، إذ لو كان صحيحًا لم يعزب عن فهم السلف الصالح ويفهمه من بعدهم، كما يمنع اعتبار ذلك النص دليلًا عليه إذ لو كان دليلًا لعمل به السلف الصالح، فاستنباط الحافظ ابن حجر الاحتفال بالمولد النبوي ـ ما دام الأمر كذلك ـ من حديث صوم يوم عاشوراء أو من أي نص آخر، مخالف لما أجمع عليه السلف الصالح من ناحية فهمه ومن ناحية العمل به، وما خالف إجماعهم فهو خطأ، لأنهم لا يجتمعون إلا على هدى، وقد بسط الإمام الشاطبي الكلام على تقرير هذه القاعدة في كتابه (الموافقات) وأتى في كلامه بما لا شك في أن الحافظ ابن حجر العسقلانى لو تنبه له لما خرّج عمل المولد على حديث صوم يوم عاشوراء ما دام السلف لم يفهموا تخريجه عليه منه ولم يعملوا به على ذلك الوجه الذي فهمه منه.

٢ - حديث صوم يوم عاشوراء لنجاة موسى - عليه السلام - فيه وإغراق فرعون فيه ليس فيه سوى أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - صامه وأمر بصيامه.

٣ - الشرط الذي شرطه الحافظ ابن حجر للاحتفال بالمولد النبوى وهو تحري ذلك اليوم بعينه حتى يطابق قصة موسى - عليه السلام - لا سبيل إليه، حيث إن يوم عاشوراء يوم محدد معروف أما يوم ميلاد الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - فغير محدد حيث اختلف العلماء في تعيينه على أقوال كثيرة.

٤ - النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لم يزِدْ فيه على غيره من الشهور شيئًا من العبادات، فهل نحن أعلم

<<  <   >  >>