للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجواب: هذا تشبيه ويدل عليه كلمة (كأنه). راجع شرح الحافظ ابن حجر العسقلاني لهذا الحديث في (فتح الباري).

* وسُئِلَ الْبَرَاءُ - رضي الله عنه -: «أَكَانَ وَجْهُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - مِثْلَ السَّيْفِ؟ قَالَ: «لَا، بَلْ مِثْلَ الْقَمَر» ِ (رواه البخاري)

قال الحافظ ابن حجر في (الفتح): «كَأَنَّ السَّائِل أَرَادَ أَنَّهُ مِثْل السَّيْف فِي الطُّول، فَرَدَّ عَلَيْهِ الْبَرَاء فَقَالَ: «بَلْ مِثْل الْقَمَر» أَيْ فِي التَّدْوِير، وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون أَرَادَ مِثْل السَّيْف فِي اللَّمَعَان وَالصِّقَال؟ فَقَالَ: بَلْ فَوْق ذَلِكَ، وَعَدَلَ إِلَى الْقَمَر لِجَمْعِهِ الصِّفَتَيْنِ مِنْ التَّدْوِير وَاللَّمَعَان: وَوَقَعَ فِي رِوَايَة زُهَيْر الْمَذْكُورَة: «أَكَانَ وَجْه رَسُول اللَّه - صلى الله عليه وآله وسلم - حَدِيدًا مِثْل السَّيْف؟» وَهُوَ يُؤَيِّد الْأَوَّل.

وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِم مِنْ حَدِيث جَابِر بْن سَمُرَة «أَنَّ رَجُلًا قَالَ لَهُ: أَكَانَ وَجْه رَسُول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - مِثْل السَّيْف؟ قَالَ: لَا بَلْ مِثْل الشَّمْس وَالْقَمَر مُسْتَدِيرًا».وَإِنَّمَا قَالَ: «مُسْتَدِيرًا» لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُ جَمَعَ الصِّفَتَيْنِ، لِأَنَّ قَوْله: «مِثْل السَّيْف» يَحْتَمِل أَنْ يُرِيد بِهِ الطُّول أَوْ اللَّمَعَان، فَرَدَّهُ الْمَسْئُول رَدَّا بَلِيغًا. وَلَمَّا جَرَى التَّعَارُف فِي أَنَّ التَّشْبِيه بِالشَّمْسِ إِنَّمَا يُرَاد بِهِ غَالِبًا الْإِشْرَاق، وَالتَّشْبِيه بِالْقَمَرِ إِنَّمَا يُرَاد بِهِ الْمَلَاحَة دُون غَيْرهمَا، أَتَى بِقَوْلِهِ: «وَكَانَ مُسْتَدِيرًا» إِشَارَة إِلَى أَنَّهُ أَرَادَ التَّشْبِيه بِالصِّفَتَيْنِ مَعًا: الْحُسْن وَالِاسْتِدَارَة.

الشبهة الرابعة: حديث: «كنت أول النبيين في الخلق وآخرهم في البعث»

الجواب: هذا حديث موضوع ذكره الشوكاني في (الأحاديث الموضوعة، ص٣٢٦).

الشبهة الخامسة: حديث (كنت نبيًا وآدم بين الروح والجسد).

الجواب: هذا الحديث ذكره الحاكم وقال الصنعاني: هو موضوع، وكذا قال ابن تيمية. وهذا الحديث ـ وإن كان قد صححه غيرهما ـ فعلى فرض صحته، فإنه لا شاهد فيه على عقائد الصوفية، وإنما يعني أن الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - قد قدَّر اللهُ كونَه نبيًا عندما خلق آدم، ولا شك أن الأنبياء جميعًا نبوتهم ثابتة في تقدير الله وقضائه. والله - عز وجل - قد قدر مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة كما جاء في الحديث.

<<  <   >  >>