وسألوه عن أشياء كانوا منها متخوفين فأرشدهم إلى طريق تفريجها فجاء الأمر كذلك»، ثم تعقب الحافظ ذلك بقوله:«وهذا مشكل جدًا ولو حُمِل على ظاهره لكان هؤلاء صحابة ولأمكن بقاء الصحبة إلى يوم القيامة ويعكر عليه أن جمعًا جمًا رأوه في المنام، ثم لم يذكر واحد منهم أنه رآه في اليقظة وخبر الصادق لا يتخلف».
٢ - قال الحافظ السخاوي في رؤية النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في اليقظة بعد موته:«لم يصل إلينا ذلك ـ أي ادعاء وقوعها ـ عن أحد من الصحابة ولا عمن بعدهم وقد اشتد حزن فاطمة - رضي الله عنها - عليه - صلى الله عليه وآله وسلم - حتى ماتت كمدًا بعده بستة أشهر على الصحيح وبيتُها مجاور لضريحه الشريف ولم تنقل عنها رؤيته في المدة التي تأخرتها عنه» نقل ذلك القسطلاني في (المواهب اللدنية)(٥/ ٢٩٥) عن السخاوي.
٣ - وقال ملا علي قاري في (جمع الوسائل شرح الشمائل للترمذي)(٢/ ٢٣٨): «إنه ـ أي ما دعاه المتصوفة من رؤية النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في اليقظة بعد موته ـ لو كان له حقيقة لكان يجب العمل بما سمعوه منه - صلى الله عليه وآله وسلم - من أمر ونهي وإثبات ونفي ومن المعلوم أنه لا يجوز ذلك إجماعًا كما لا يجوز بما يقع حال المنام، ولو كان الرائي من أكابر الأنام».
٤ - قال الشيخ رشيد رضا في (فتاويه)(٦/ ٢٣٨٥): «صرح بعض العلماء المحققين بأن دعوى رؤية النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بعد موته في اليقظة والأخذ عنه دعوى باطلة، واستدلوا على ذلك بأن أَوْلى الناس بها ـ لو كانت مما يقع ـ ابنته سيدة النساء وخلفاؤه الراشدون وسائر أصحابه العلماء، وقد وقعوا في مشكلات وخلاف أفضى بعضه إلى المغاضبة وبعضه إلى القتال؛ فلو كان - صلى الله عليه وآله وسلم - يظهر لأحد ويعلمه ويرشده بعد موته لظهر لبنته فاطمة لوأخبرها بصدق خليفته أبى بكر - رضي الله عنه - فيما روى عنه من أن الأنبياء لا يورثون وكذا للأقرب والأحب إليه من آله وأصحابه ثم لمن بعدهم من الأئمة الذين أخذ أكثر أمته دينهم عنهم، ولم يدّع أحد منهم ذلك وإنما ادعاه بعض غلاة الصوفية بعد خير القرون وغيرهم من العلماء الذين تغلب عليهم تخيلات الصوفية، فمن العلماء من جزم بأن من ذلك ما هو كذب مفترى وأن الصادق من أهل هذه الدعوى من خُيِّلَ إليه في حال غيبة ـ أو ما