تتحدث عن أمرٍ وقع في حياة الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - والآية نزلت في قوم تحاكموا، أو أرادوا التحاكم إلى غير الله ورسوله؛ كما يدلُّ على ذلك سياقها السابق واللاحق.
عاشرًا: الآية ليس فيها التوسل بذات الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - بل فيها (كما قال الحافظ ابن كثير): يرشد تعالى العصاة والمذنبين إذا وقع منهم الخطأ والعصيان أن يأتوا إلى الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - فيستغفروا الله عنده ويسألوه أن يستغفر لهم فإنهم إذا فعلوا ذلك تاب الله عليهم ورحمهم وغفر لهم»
فالآية دليل على التوسل بدعاء النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -،وهو حي، فهي حجة عليهم.
واستغفار النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - للمذنبين ممكن حال حياته - صلى الله عليه وآله وسلم - أما بعد وفاته فغير ممكن؛ لأن حياته - صلى الله عليه وآله وسلم - في قبره حياة برزخية لا نعلم كيفيتها وهي تختلف عن حياتنا هذه. ولو كان المراد من هذه الآية الذهاب إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وطلب الاستغفار منه بعد مماته لقال تعالى (ولو أنهم إذا ظلموا أنفسهم) بصيغة الاستقبال، ولكنه ـ قال:{إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ} بصيغة الماضي.
حادي عشر: لم يفهم الصحابة - رضي الله عنهم - من الآية ما فهمه الصوفية؛ فلم يثبت بسند صحيح ـ فيما نعلم ـ أن أحدًا من الصحابة ذهب إلى قبر الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - بعد وفاته، وطلب منه أن يستغفر له، أو طلب منه أن يدعوَ الله له أن يرزقه مثلًا، مع العلم أن الصحابة كانوا من أحرص الناس على الخير، ولو كان خيرًا لسبقونا إليه.
* والعجب من هؤلاء الصوفية أنهم لا يحتجون بالأحاديث الصحيحة في باب الاعتقاد، فكيف يتعلقون فيما يوافق أهواءهم بروايات المجهولين، الذين لا يعرفهم علماء الجرح والتعديل، الذين دونوا أسماء الثقات والضعفاء والمجهولين، وفاتَهم هؤلاء المجهولون الذين يتعلق برواياتهم أصحاب الأهواء.
ثم العجب ـ ثانيًا ـ أنهم يتعلقون بالمنامات، ويحتجون بها في الاعتقادات.
ثم العجب ـ ثالثًا ـ أنهم يتعلقون بما ينسب إلى الأعراب الأجلاف، ويعرضون عما ثبت عن أئمة الأسلاف من مثل ما روى عبد الرزاق عن معمر عن عبيد الله بن عمر،