فهذا القدر يكفيك من بداية الهداية، فجرب بها نفسك، فإنها ثلاثة أقسام:
١ - قسم في آداب الطاعات.
٢ - وقسم في ترك المعاصي.
٣ - وقسم في مخالطة الخلق.
وهي جامعة لجمل معاملة العبد مع الخالق والخلق، فإن رأيتها مناسبة لنفسك ورأيت قلبك مائلاً إليها راغبًا في العمل بها، فاعلم أنك عبد نوَّر الله تعالى بالإيمان قلبه، وشرح به صدره، وتحقق أن لهذه البداية نهاية، ووراءها أسرارًا.
وإن رأيت نفسك تستثقل العمل بهذه الوظائف وتنكر هذا الفن من العلم وتقول لك نفسك: أنى ينفعك هذا العلم في محافل العلماء؟ ومتى يقدمك هذا على الأقران والنظراء؟ وكيف يرفع منصبك في مجالس الأمراء والوزراء؟ وكيف يوصلك إلى الصلة والأرزاق وولاية الأوقاف والقضاء؟!؛ فاعلم أن الشيطان قد أغواك، وأنساك متقلبك ومثواك، فابك على نفسك، واسع في علاجها.
ثم اعلم أنه قط لا يصفو لك الملك في محلتك، فضلاً عن قريتك وبلدتك، ثم يفوتك الملك المقيم والنعيم الدائم في جوار رب العالمين.
وأختم هذا الكتاب بما رواه الإمام أبو نعيم (رحمه الله) في "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء"، والحافظ ابن أبي الدنيا (رحمه الله) في كتاب "محاسبة النفس"(٢) بسند حسن عن ثابت بن الحجاج قال: قال عمر بن الخطاب (رضي الله عنه): ((حاسبوا أنفسكم قبل