وأما البطن: فاحفظه من تناول الحرام والشبهة، واحرص على طلب الحلال، فإذا وجدته فاحرص على أن تقتصر منه على ما دون الشبع؛ فإن الشبع يقسي القلب، ويفسد الذهن، ويبطل الحفظ، ويثقل الأعضاء عن العبادة والعلم، ويقوي الشهوات، وينصر جنود الشيطان.
والشبع من الحلال مبدأ كل شر، فكيف من الحرام؟!
وطلب الحلال فريضة على كل مسلم، والعبادة والعلم مع أكل الحرام كالبناء على السرجين (١).
واعلم أن الحلال كثير، وليس عليك أن تتيقن بواطن الأمور، بل عليك أن تحترز مما تعلم أنه حرام، أو تظن أنه حرام ظناً حصل من علامة ناجزة مقرونة بالمال، أما المعلوم فظاهر، وأما المظنون بعلامة فهو مال السلطان وعماله، ومال من لا كسب له إلا من النياحة أو بيع الخمر أو الربا أو المزامير وغير ذلك من آلات اللهو المحرمة، فإن من علمت أن أكثر ماله حرام قطعًا فما تأخذه من يده ـ وإن أمكن أن يكون حلالًا نادرًا ـ فهو حرام؛ لأنه الغالب على الظن.