للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[آداب الصحبة مع الله تعالى]

اعلم أن صاحبك الذي لا يفارقك في حضرك وسفرك ونومك ويقظتك، بل في حياتك وموتك، هو ربك وسيدك ومولاك وخالقك، ومهما ذكرته فهو معك، إذ قال الله تعالى: ((أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه)) (١)، ومهما انكسر قلبك حزنًا على تقصيرك في حق دينك فهو موفقك ومعينك، فلو عرفته حق معرفته لاتخذته صاحبًا وتركت الناس جانبًا، فإن لم تقدر على ذلك في جميع أوقاتك فإياك أن تخلي ليلك ونهارك عن وقت تخلو فيه لمولاك، وتتلذذ معه بمناجاتك له، وعند ذلك ينبغي لك أن تتعلم آداب الصحبة مع الله تعالى.

وآدابها: غض الطرف، وجمع الهم، ودوام الصمت، وسكون الجوارح، ومبادرة الأمر، واجتناب النهي، وقلة الاعتراض على القدر، ودوام الذكر، وملازمة الفكر، وإيثار الحق على الباطل، والإياس عن الخلق، والخضوع تحت الهيبة، والانكسار تحت الحياء، والسكون عن حيل الكسب ثقة بالضمان، والتوكل على فضل الله تعالى معرفة بحسن الاختيار.

وهذا كله ينبغي أن يكون شعارك في جميع ليلك ونهارك، فإنها آداب الصحبة مع صاحب لا يفارقك، والخلق كلهم يفارقونك في بعض أوقاتك.

*******


(١) رواه البخاري تعليقًا بصيغة الجزم في [كتاب التوحيد-باب قول الله تعالى: "لا تحرك به لسانك"]، ووصله الإمام أحمد (٢/ ٥٤٠)، وابن ماجة (٣٧٩٢)، وصححه ابن حبان (٨١٥).

<<  <   >  >>