للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الأول: الكذب]

فاحفظ منه لسانك في الجِد والهزل، ولا تعود لسانك الكذب هزلاً فيتداعى إلى الجد، والكذب من أمهات الكبائر، ثم إنك إذا عُرفت بذلك سقطت عدالتك والثقة بقولك، وتزدريك الأعين وتحتقرك، وإذا أردت أن تعرف قبح الكذب من نفسك فانظر إلى كذب غيرك، وإلى نفرة نفسك عنه، واستحقارك لصاحبه واستقباحك له.

وكذلك فافعل في جميع عيوب نفسك، فإنك لا ترى قبح عيوبك من نفسك بل من غيرك، فما استقبحته من غيرك يستقبحه غيرك منك لا محالة، فلا ترض لنفسك ذلك.

وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إياكم والكذب؛ فإن الكذب يهدي إلى الفجور. وإن الفجور يهدي إلى النار. وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابًا)) (١).

ولله در من قال:

لا يكذب المرء إلا من مهانته ... أو فِعْلِهِ السوءَ أو مِن قلةِ الأدبِ

لَبَعْضُ جيفة كلبٍ خير رائحة ... من كِذبة المرء في جِدٍّ وفي لعبِ

فإياك والكذب؛ فإنه مَهْواة، وعليك بالصدق؛ فإنه منجاة:

عليك بالصدق ولو أنه ... أحرقك الصدق بنار الوعيدْ

وابغ رضا المولى فأغبى الورى ... مَن أسخط المولى وأرضى العبيدْ

****


(١) أخرجه البخاري (٦٠٩٤)، وفي "الأدب المفرد" (٣٨٦)، ومسلم (٢٦٠٧)، وأحمد (٣٦٣٨، ٤١٠٨)، وأبو داود (٤٩٨٩)، والترمذي (١٩٧١)، والنسائي في جزء فيه "مجلسان من إملاءه" (رقم٥ - تحقيق أبي إسحاق الحويني)، وأبو يعلى (٥١٣٨)، وابن حبان (٢٧٢، ٢٧٣، ٢٧٤).

<<  <   >  >>