للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[توطئة]

اعلم أن للدين شطرين:

أحدهما: ترك المناهي.

والآخر: فعل الطاعات.

وترك المناهي هو الأشد؛ فإن الطاعات يقدر عليها كل أحد، وترك الشهوات لا يقدر عليه إلا الصديقون، فلذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((المهاجر من هجر السوء)) (١)، ((والمجاهد من جاهد نفسه)) (٢).

واعلم أنك إنما تعصي الله بجوارحك، وهي نعمة من الله عليك وأمانة لديك، فاستعانتك بنعمة الله على معصيته غاية الكفران، وخيانتك في أمانة استودعها الله غاية الطغيان، فأعضاؤك رعاياك فانظر كيف ترعاها، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.

واعلم أن جميع أعضائك ستشهد عليك في عرصات القيامة بلسان طلق ذلق، تفضحك به على رؤوس الخلائق، قال الله تعالى: {يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون} [النور: ٢٤]، وقال الله تعالى: {اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون} [يس: ٦٥].

فاحفظ يا مسكين جميع بدنك من المعاصي، وخصوصاً أعضاءك السبعة فإن جهنم لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم، ولا يتعين لتلك الأبواب إلا من عصا الله تعالى بهذه الأعضاء السبعة وهي:

- العين.

- والأذن.


(١) صحيح: رواه الإمام أحمد (٣/ ١٥٤)، وأبو يعلى (٤١٨٧)، وصححه ابن حبان (٥١٠)، وقال الحاكم (٢٥): "على شرط مسلم"، ووافقه الذهبي، وقال الألباني في "الصحيحة": "٥٤٩): "وهو كما قالا". وانظر "المجمع" (١/ ٥٤).
(٢) رواه الإمام أحمد (٦/ ٢١، ٢٢)، والترمذي (١٦٢١) وقال: "حسن صحيح"، وابن حبان، وراجع "فيض القدير" (٦/ ٣٤٦ - ٣٤٧)، و"الصحيحة" (٥٤٩)

<<  <   >  >>