للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الثاني: الخلف في الوعد]

فإياك أن تعد بشيء ولا تفي به، بل ينبغي أن يكون إحسانك إلى الناس فعلاً بلا قول، فإن اضطررت إلى الوعد فإياك أن تخلف إلا لعجز أو ضرورة؛ فإن ذلك من أمارات النفاق، وخبائث الأخلاق.

عن عبد الله بن عمرو بن العاصي (١) رضي الله عنهما قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر)) (٢).

وقال بعضهم:

لا كَلَّف الله نفسًا فوق طاقتها ... ولا تجودُ يدٌ إلا بما تجدُ

فلا تَعِدْ عِدَةً إلا وَفَّيْتَ بها ... واحذرْ خلافَ مقالٍ للذي تَعِدُ

وقال آخر:

إذا قلتَ في شيء: نعم فَأَتِمَّهُ ... فإن نَعَمْ دّيْنٌ على الحُرِّ واجبُ

وإلا فقل: لا؛ تسترحْ وتُرِح بها ... لئلا يقولَ الناسُ: إنك كاذبُ

وقال ثالث:

لئن جمعت الآفات فالبخل شرها ... وشر مِن البخل المواعيد والمطلُ

ولا خير في وعد إذا كان كاذبًا ... ولا خير في قول إذا لم يكن فعلُ

****


(١) العاصي: المشهور في استعمال المحدثين أنه (العاص) بالصاد من غير ياء بعدها، وهي لغة قليلة. والصحيح: (العاصي) بالياء، وكذا حذيفة بن اليماني، وعبد الرحمن بن أبي الموالي، وشداد بن الهادي. والمشهور للمحدثين حذف الياء، والصحيح إثباتها. أفاده الإمام النووي رحمه الله في "شرح صحيح مسلم" (١٢/ ١٤٤).
(٢) رواه البخاري (٢٤٥٩، ٣١٧٨)، ومسلم (٥٨)، وأحمد (٦٧٦٨، ٦٨٦٤)، وأبو داود (٤٦٨٨)، والترمذي (٢٦٣٢)، والنسائي (٥٠٢٠)، وابن حبان (٢٥٤، ٢٥٥).

<<  <   >  >>