للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[آداب المتعلم]

وإن كنت متعلمًا فآداب المتعلم مع العالم: أن يبدأه بالتحية والسلام، وأن يقلل بين يديه الكلام، ولا يتكلم ما لم يسأله أستاذه، ولا يسأل ما لم يستأذن أولاً، ولا يقول في معارضة قوله: قال فلان بخلاف ما قلت، ولا يشير عليه بخلاف رأيه فيرى أنه أعلم بالصواب من أستاذه، ولا يسأل جليسه في مجلسه، ولا يلتفت إلى الجوانب، بل يجلس مطرقًا ساكنًا متأدبًا، ولا يكثر عليه السؤال عند ملله، وإذا قام قام له، ولا يتبعه بكلامه وسؤاله، ولا يسيء الظن به. واعلم أن المؤمن يطلب المعاذير، والمنافق يطلب الزلات، وكان بعض السلف يتصدق وهو في طرقه لمجلس العلم ويدعو قائلاً: ((اللهم وار عني عيب شيخي)).

ورُوي عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: ((من حق العالم عليك أن تُسلم على النَّاس عامة، وتخصّه دونهم بالتحية، وأن تجلس أمامه، ولا تُشيرن عنده بيدك، ولا تغمزنَّ بعينيك، ولا تقولنَّ: قال فلان خلافًا لقوله، ولا تغتابنَّ عنده أحد، ولا تسارر في مجلسه، ولا تأخذن بثوبه، ولا تُلح عليه إذا كسل، ولا تُعرض - أي: تشبع - من طول صُحبته، ولا ترفع نفسك عن خدمته، وإذا عرضت له حاجة سبقت القوم إليها، فإنما هو بمنزلة النخلة تنتظر متى يسقط عليك منها شئ)).

وعلى طالب العلم أن يتحلى بالوفاء؛ فإنه من أجل خصال النبلاء، وليعلم أن ((حسن العهد من الإيمان)) (١)، وإنما يعرف الفضل لأهل الفضل ذوو الفضل.

*******


(١) حديث حسن: أخرجه الحاكم (رحمه الله) في "المستدرك" (١/ ١٥ - ١٦) بسند حسن من حديث أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها)، وصححه الحاكم على شرط الشيخين!، ووافقه الذهبي، ورمز له السيوطي بالصحة في "الجامع الصغير" (٢٢٦٤)، وانظر "الصحيحة" للألباني (٢١٦).

<<  <   >  >>