للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعند ذلك يتلو عليك الشيطان فضل العلم ودرجة العلماء وما ورد فيه من الأخبار والآثار، ويلهيك عن مثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه فيدور بها كما يدور الحمار في الرحى، فيجتمع إليه أهل النار فيقولون: يا فلان مالك؟ ألم

تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول: بلى، كنت آمر بالمعروف ولا آتيه، وأنهى عن المنكر وآتيه)) (١).

وكان من دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها)) (٢).

فإياك يا مسكين أن تذعن لتزويره فيدليك بحبل غروره. فويل للجاهل حيث لم يتعلم مرة واحدة، وويل للعالم حيث لم يعمل بما علم ألف مرة.

واعلم أن الناس في طلب العلم على ثلاثة أحوال:

١ - رجل طلب العلم ليتخذه زاده إلى المعاد، ولم يقصد به إلا وجه الله والدار الآخرة؛ فهذا من الفائزين.

٢ - ورجل طلبه ليستعين به على حياته العاجلة، وينال به العز والجاه والمال وهو عالم بذلك مستشعر في قلبه ركاكة حاله وخسة مقصده؛ فهذا من المخاطرين، فإن عاجله أجله قبل التوبة خيف عليه من سوء الخاتمة وبقي أمره في خطر المشيئة، وإن وفق للتوبة قبل حلول الأجل وأضاف إلى العلم العمل، وتدارك ما فرط منه من الخلل؛ التحق بالفائزين، فإن ((التائب من الذنب كمن لا ذنب له)) (٣).


(١) أخرجه الإمام البخاري (٣٢٦٧، ٧٠٩٨)، والإمام مسلم (٢٩٨٩) من حديث أسامة بن زيد بن حارثة رضي الله عنهم.
(٢) رواه مسلم (٢٧٢٢) من حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه.
(٣) أخرجه ابن ماجه (٤٢٥٠) والطبراني في "المعجم الكبير" (ج١٠/رقم١٠٢٨١) وغيرهما بسند منقطع، ولكن للحديث شواهد؛ ولذا حسنه الحافظ ابن حجر - رحمه الله - في "الفتح" تحت الحديث رقم (٧٥٠٧)، ورمز الحافظ السيوطي لحسنه في "الجامع الصغير" (٣٣٨٥)، وراجع "السلسلة الضعيفة" للشيخ ناصر الدين الألباني (٦١٥)، و"فيض القدير شرح الجامع الصغير" للعلامة المناوي (٣/ ٣٥٥) ط/ مكتبة مصر.

<<  <   >  >>