وقال الإمام أحمد: ((التقوى: ترك ما تهوى لما تخشى)). ولله در من قال: ((التقوى: أن يجدك الله حيث أمرك، وأن يفتقدك حيث نهاك)). وروى ابن أبي حاتم في "تفسيره" بسند صححه العماد ابن كثير في "التفسير" (٢/ ٥١)، والطبراني في "المعجم الكبير" بإسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح والآخر ضعيف - كما قال الهيثمي في "المجمع" (٦/ ٣٢٦) - عن ابن مسعود (رضي الله عنه) في تفسير قوله تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته)) قال: ((أن يُطاع فلا يُعصى، وأن يُذكر فلا يُنسى، وأن يُشكر فلا يُكفر)). وقد روى الإمام ابن أبي شيبة في كتاب "الإيمان" (ص٣٩رقم٩٩)، والأمام المبارك عبد الله بن المبارك في "الزهد" (١٣٤٣)، والإمام هناد بن السري في "الزهد" (٥٢٠)، والإمام البيهقي في "الزهد الكبير" (٩٦٥) عن عاصم الأحول قال: لما وقعت فتنة ابن الأشعث قال طلق ابن حبيب: ((اتقوا الفتنة بالتقوى)). فقال بكر بن عبد الله: أجمل لنا التقوى في يسير. فقال: ((التقوى: العمل بطاعة الله، على نور من الله، رجاء رحمة الله. والتقوى: ترك معاصي الله، على نور من الله، مخافة عذاب الله)) ا. هـ. وقد روى الإمام البيهقي في "الزهد الكبير" قبل هذا الأثر أثرين: الأول: بسند فيه نظر عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه قال: قال رجل لأبي هريرة: ما التقوى؟ فقال أبو هريرة: هل أخذت طريقًا ذا شوك؟ قال الرجل: نعم. قال: فكيف صنعت؟ قال: إذا رأيت الشوك عدلت عنه، أو جاوزته، أو قصرت عنه. فقال: ذاك التقوى ا. هـ وقد أخذ ابن المعتز هذا المعنى من أبي هريرة، فقال: خل الذنوب صغيرها وكبيرها ذاك التقى واصنع كماش فوق أرض الشوك يحذر ما يرى لا تحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى.
الأثر الثاني: رواه البيهقي من طريق عبد الرحمن بن ميسرة الحضرمي، أن عمر بن عبد العزيز كان يقول: ((ليس تقوى الله بصيام الدهر ولا بقيام الليل والتخليط فيما بين ذلك، ولكن تقوى الله ترك ما حرم الله وأداء ما افترض الله، فمن رُزق بعد ذلك خيرًا؛ فهو خير إلى خير)).