للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: اللهم اغفر لي أو دعا؛ استجيب له، فإن توضأ ثم صلى؛ قبلت صلاته)) (١).

فإذا استيقظت فارجع إلى ما عرفتك أولاً، وداوم على هذا الترتيب بقية عمرك، فإن شقت عليك المداومة فاصبر صبر المريض على مرارة الدواء انتظارًا للشفاء، وتفكر في قصر عمرك، وإن عشت مثلاً مائة سنة فهي قليلة بالإضافة إلى مقامك في الدار الآخرة وهي أبد الآباد، وتأمل أنك كيف تتحمل المشقة والذل في طلب الدنيا شهرًا أو سنة رجاء أن تستريح بها عشرين سنة مثلاً، فكيف لا تتحمل ذلك أيامًا قلائل رجاء الاستراحة أبد الآباد؟.

ولا تطوِّل أملك فيثقل عليك عملك، وقدِّر قرب الموت، وقل في نفسك: إني أتحمل المشقة اليوم فلعلي أموت الليلة، وأصبر الليلة فلعلي أموت غدًا، فإن الموت لا يهجم في وقت مخصوص وحال مخصوص وسن مخصوص، فلا بد من هجومه، فالاستعداد له أولى من الاستعداد للدنيا، وأنت تعلم أنك لا تبقى فيها إلا مدة يسيرة، ولعله لم يبق من أجلك إلا يوم واحد أو نفس واحد، فقدر هذا في قلبك كل يوم، وكلف نفسك الصبر على طاعة الله يومًا فيومًا، فإنك لو قدرت البقاء خمسين سنة وألزمتها الصبر على طاعة الله تعالى نفرت واستصعبت عليك، فإن فعلت ذلك فرحت عند الموت فرحًا لا آخر له، وإن سوَّفت وتساهلت جاءك الموت في وقت لا تحتسبه، وتحسرت تحسرًا لا آخر له، وعند الصباح يحمد القوم السُّرَى (٢)، وعند الموت أتيك الخبر اليقين، ولتعلمن نبأه بعد حين.

وإذ أرشدناك إلى ترتيب الأوراد، فلنذكر لك آداب الصلاة والصوم والإمامة والقدوة والجمعة.


(١) أخرجه البخاري (١١٥٤)، وأحمد (٥/ ٣١٣)، وأبو داود (٥٠٦٠)، والترمذي (٣٤١٤)، وابن ماجة (٣٨٧٨)، والدارمي (٢٦٨٧)، وابن حبان (٢٥٩٦ - إحسان) من حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه -.
(٢) هذا مثل يُضرب للرجل يتحمل المشقة رجاء الراحة، انظر "مجمع الأمثال" لأبي الفضل الميداني - المثل رَقْم (٢٣٨٢).

<<  <   >  >>