والحشر في ظاهر القرآن وصريح السنة غير مختص بالثقلين الجن والإنس، وإن قال بعض العلماء -عفا الله عنا وعنهم-: إنه مختص بالثقلين، لكن ظاهر القرآن وصريح السنة على أن الجميع يحشر، قال الله جل وعلا في صريح كتابه:{وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ}[الأنعام:٣٨] فهذا صريح، ولكن العلماء الذين قالوا: إن غير الثقلين لا يحشر قالوا في هذه الآية: {ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ}[الأنعام:٣٨] حشرها هو موتها.
والله جل وعلا يقول:{وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ}[التكوير:٥] فالوحوش هي ما توحش من دواب البر، و (حشرت) أي: جمعت، وقال صلى الله عليه وسلم:(يقاد للشاة الجماء من الشاة القرناء)، فحملوا ذلك على أنه كناية عن العدل، لا على وقوع الأمر، لكن ثمة قاعدة في أمور الشرع، وهي أن ما أخبر الله به أو أخبر به رسوله من الغيب ولا يوجد ما يمنع وقوعه شرعا ولا عقلا يجب إمراره على ظاهره، وهذا قاعدة تنفع كل من يطلب العلم.
فالله تعالى يقول:{وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ}[التكوير:٥] ويقول: {ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ}[الأنعام:٣٨]، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:(يقاد للشاة الجماء من الشاة القرناء)، فهذه الأمور لا يوجد ما يمنع وقوعها شرعاً، ولا يوجد ما يمنع وقوعها عقلاً، فيجب إمرارها على ظاهرها.