إن الروح أمرها عند الله، فلا يعلم كنهها إلا الله، فقد ثبت أن نبينا عليه السلام مر على يهود، فقال بعضهم: سلوه، وقال بعضهم: لا تسألوه، ثم سألوه فقالوا: يا أبا القاسم! ما الروح؟ فاتكأ صلى الله عليه وسلم على عسيب نخل، وكان معه عبد الله بن مسعود، قال عبد الله: فعلمت أنه يوحى إليه، فأنزل الله جل وعلا عليه:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}[الإسراء:٨٥].
وابن سيناء الفيلسوف يقول: هبطت إليك من المحل الأرفع ورقاء ذات تعزز وتمنع هبطت على كره إليك وربما كرِهت فراقك وهي ذات توجع يريد أن الإنسان لا يختار روحه، فعارض قوله شوقي بقوله: ضمي قناعك يا سعاد أو ارفعي هذي المحاسن ما خلقن لبرقع فمحمد لك والمسيح ترجلا وترجلت شمس النهار ليوشع أراد ابن سيناء أن يقول: إن الإنسان لا يختار روحه، وأراد شوقي أن يقول: ضمي قناعك يا سعاد كناية عن الروح.
ثم قال: فمحمد لك والمسيح ترجلا والإنسان إذا أراد أن يعظم أحداً، فإن طريقة العرب في ذلك إذا قابلت شخصاً وأنت على الدابة فإنك تنزل من على الدابة وتترك ما تركبه، وتُقبِل إليه وأنت ماشٍ.
مثل عالم السيارات اليوم، حيث ترى إنساناً واقفاً فتنزل من سيارتك وتذهب إليه راجلا، فهذا نوع من التعظيم.
فعظم نبينا صلى الله عليه وسلم الروح لما سئل عنها فاستلبث حتى نزل الوحي:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ}[الإسراء:٨٥].
وأما عيسى فقد نقلوا في إنجيل لوقا في الإصحاح الثاني عشر أنه كان يقول للملأ من حوله من الحواريين: لا تخافوا من الذين يتسلطون على الجسد ولا يستطيعون أن يتجاوزوا إلى أكثر من ذلك.
يقصد أن الأعداء ليس لهم سلطة على الروح، فالروح عظيمة، والله جل وعلا عظمها بقوله:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ}[الإسراء:٨٥].