ومن علامات الساعة الكبرى هدم الكعبة، والكعبة رفع قواعدها خليل الله إبراهيم كما هو معلوم، وجعلها الله جل وعلا مثابة للناس وأمنا، كما جعل توحيده حرزاً للناس وحصناً، وتبقى الكعبة شامخة يحجها الناس، وقد تعرضت في القرن الرابع لأذى القرامطة، لكنهم لم يهدموها، وإنما سلبوها الحجر الأسود، ومكث عندهم عشرين عاماً إلا أياماً، ثم أعيد الحجر على مشهد من الناس، وعرفه العلماء ورد إلى مكانه، وأهل التاريخ يقولون: إن الحجر حمل إلى البحرين -في شرقي المملكة الآن- على عشرين أو أربعين جملاً حتى وصل به إلى تلك المنطقة، وعندما أعيد أعيد على جمل واحد، فبقي قادراً على السير من تلك المنطقة إلى مكة.
والحجر اليوم مقسم إلى خمس أو ثمان قطع مثل التمرة يكبر ويصغر، فلو دققت النظر في نفس الحجر لوجدت قطعاً أشبه تماماً بالتمرات، ولكنها تقل وتكبر من واحدة إلى أخرى، ومجموع ما هو فيه -بحسب علمي-ثمان قطع، حيث جمع في إناء واحد في غلاف واحد في إطار واحد ثم وضع في الكعبة.
وقد أخبر صلى الله عليه وسلم بأن هذه الكعبة سيهدمها ذو السويقتين من أرض الحبشة، قال عليه الصلاة والسلام:(كأني أنظر إليه أصيلعاً أفيدعا يستخرج كنوزها ويسلبها حليها يهدمها حجراً حجراً)، وهذا يقع بقدر الله؛ لأن الأمور إلى زوال، فتهدم، فلا يحج إلى البيت بعد ذلك ولا يعتمر، فلا يبقى إلا شرار خلق الله.
وعبادة الله مرتبطة بالعلم، فالناس إذا كانوا في جهل فلا يمكن أن يعبدوا الله، فإذا وجد علم عبد الله، فهذه الأحداث يكون بسببها -بلا شك- موت العلماء وفقد العلم، إذ الكعبة تهدم، فلا يوجد تدريس ولا يوجد علم لم يعبد الله به؛ لأن الله جل وعلا يعبد على بينه، وتبقى أشياء يسيرة من الدين، فيبقى أناس لا يعرفون من الدين إلا كلمة (لا إله إلا الله) فقيل لـ حذيفة رضي الله عنه تنفعهم هذه؟ قال: نعم تنفعهم.
وذلك لأنهم أصلاً لم يبلغهم من الدين إلا (لا إله إلا الله) وفهم يقولون: لا إله إلا الله، ولكن لا يصلون، وليس معنى ذلك أنهم يعرفون الصلاة ولا يصلون، فهذا لا يعقل، بل يعتبر كفراً عند بعض العلماء، بل لم يبلغهم أن هناك شيئاً اسمه صلاة، لكن بلغهم من دين الله (لا إله إلا الله) ثم يموت هؤلاء وتقبض أرواحهم فتعبد الأوثان من جديد، يقول عليه الصلاة والسلام:(تضطرب إليات نساء دوس عند ذي الخلصة) والخلصة: صنم كانت دوس تعظمه في الجاهلية، ودوس الآن عامرة بالطاعات، ففيها حلقات تحفيظ، وفيها مخيمات، وألقيت فيها -لله الحمد- دروساً، وأتاها غيري من الفضلاء من العلماء وغيرهم، فهي عامرة بالإيمان والطاعات ونشر الدين، وهذا مثل ضربه النبي صلى الله عليه وسلم لا لمعنى أ، الوثنية محصورة في دوس، وإنما ستعم، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم ضربه لشيوع وثنيتهم آنذاك في الجاهلية قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وهم الذين منهم عبد الرحمن بن صخر أبو هريرة الصحابي الجليل المعروف.
فالذي يعنينا أن يعود الناس لعبادة الأوثان، ومع ذلك يقول صلى الله عليه وسلم:(أنهم في خير وعافية)، يعني: يعجل الله لهم طيباتهم فيرزقون ويمطرون ويغاثون وهم في رغد من العيش رغم أنهم يعبدون الأوثان فلا تجري عليهم أحكام من عصى الله في الدنيا؛ لأن الأمر إلى زوال، ثم تحدث أمور وأمور فيطوى وجه الإسلام ويرفع القرآن في ليلة، وتهدم الكعبة، وكل هذا متقارب بعضه من بعض حتى يأمر الله ملكاً من ملائكته يقال له: إسرافيل -وهو الآن قد أصغى أذنه وحنى رقبته والتقم الصور بيده ينتظر متى يؤمر بالنفخ فينفخ- فيأمره الله فينفخ فيصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله، ثم يأمره بعد أربعين يوماً أو سنة أو شهراً أن ينفخ فينفخ فيقوم الناس لرب العالمين.