ثم ينتقل الجسد إلى مرحلة أخرى، وهي مواراته التراب، قال تعالى:{ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ}[عبس:٢١]، وقال:{أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا * أَحْيَاءً ?وَأَمْوَاتًا}[المرسلات:٢٥ - ٢٦]، سواء أكان لحداً أم شقا، فكل ذلك يصح، والمهم أن يوجهه إلى القبلة؛ لقوله عليه الصلاة والسلام لما ذكر الكبائر:(واستحلال البيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتا)، ويقرب الميت -إذا كان القبر لحداً- من جدار القبر القِبْلي، ويوضع خلفه شيء من التراب حتى لا يرجع على ظهره، بعد أن تحل أربطة الكفن، ولا يكشف عن رأسه، ثم يوضع اللبن على اللحد حتى لا يقع التراب عليه مباشرة، ثم يحثا التراب على القبر كما فعل بنبينا صلى الله عليه وسلم، وقد نصب عليه تسع لبنات صلوات الله وسلامه عليه.
والقبر إذا كان مسنماً أشبه برأس الخيمة كان أفضل من أن يكون مسطحاً.
وما يصنع في بعض البلدان من إقامة الأضرحة والمشاهد على القبور كل هذا منهي عنه شرعاً، فلا يجوز أبداً فعله، لا لفئة من الناس ذوي قدر كالرؤساء وغيرهم، ولا لغيرهم من العامة، وإنما يرفع القبر قليلا ليعلم أنه قبر، ولذلك فإن المسلم إذا مات في دار حرب لا يرفع قبره حتى لا يعرف أنه قبر، لئلا يتسلط عليه الأعداء فينبشوا قبره، وإنما يسوى قبره بالأرض حتى لا يتمكن العدو من الوصول إليه.