إن يأجوج ومأجوج هم بشر من ذرية آدم، والله جل وعلا يقول في القرآن عن نبيه نوح:{وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ}[الصافات:٧٧].
ففهم أهل العلم من هذه الآية أن الله جل وعلا حصر ذرية بني آدم بعد الطوفان في أبناء نوح، ولهذا يقول بعضهم: إن نوحاً عليه السلام هو الأب الثاني للبشرية، والمشهور عند أهل الأخبار أن نوحاً ترك أربعة: كنعان ويافث وسام وحام، فيقولون: إن كنعان هو الذي غرق، ولا ريب في أن أحد أبناء نوح قد غرق بنص القرآن، ولكن هل هو كنعان أو غيره، فهذا علمه عند الله جزماً، والمشهور عند أهل الأخبار والسير أن الذي غرق هو كنعان، فبقي ثلاثة هم يافث وسام وحام.
والخلاصة من هذا أن يأجوج ومأجوج عند أكثر أهل العلم من ذرية يافث بن نوح، وأن هؤلاء القوم كانوا متشبعين بالهمجية، والمقصود بالهمجية هنا غير اللفظة العامية الدراجة، وإن كان المعنى قريباً، فالمراد أنهم غير ذوي بناء حضاري، فهم يفعلون الشيء لمجرد الفعل، كما وجد في بعض العصور من التتار حين دخلوا بلاد الإسلام، فبعضهم كان يقتل لمجرد القتل، وإلا فإن فرعون -مثلاً- عندما أراد أن يبطش كان يبطش بطشاً حضارياً، فكان يقتل الغلمان ويستبقي النساء للخدمة، ولما تضرر الأقباط أهل مصر من قتل الغلمان أبقى على بعض الغلمان، فكان يقتل عاماً ويترك عاماً حتى يكون هناك خدم للقبط، وهذا الأمر فيه الإسراف والعلو والفساد في الأرض، إلا أن فيه شيئاً من حظوظ النفس، أي: أبقى لحظ نفسه.
أما هؤلاء ومن في فكرهم فكانوا يقتلون لمجرد القتل ولا يتركون أحداً، فنقل عن بعض من داهموا مع جنكيز خان وأمثاله أنهم كانوا يقتلون الطفل الرضيع ويقتلون المرأة ويقتلون الرجل ويقتلون الشاب ولا يتركون أحداً، بل يقتلون لمجرد القتل، ولو كانوا ذوي عقول لاستبقوا النساء على الأقل للتمتع بهم وإن كان حراماً، ولكن هذا يدل على أن هناك شيئاً من حظوظ النفس يبحث عنها المرء، ولكنهم لعدم ففههم ولعدم عقلهم يسفكون الدماء لمجرد سفك الدماء.
فيأجوج ومأجوج من نسل يافث بن نوح، يعيشون خلق ردم بناه عليهم ذو القرنين، وهو ملك صالح، وهل هو نبي أو غير نبي؟ اختلف فيه ولا يوجد نص قاطع، بل ورد في حديث صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لا أدري أكان ذو القرنين نبياً أم لا).